فقد بعد عن المقصود وهاهنا بحث من وجهين :
أحدهما انّا لا نسلّم أنّ كلّ واحد من أجزاء الجسم جوهر ، لجواز تقوّم الجوهر بالعرض كالسّرير المركّب من القطع الخشبيّة والهيئة الاجتماعية على التّحقيق.
وجوابه أنّ الكلام هاهنا مبنى على ما هو المشهور من امتناع تقوّم الجوهر بالعرض ، على انّه اذا ثبت حدوث الأجزاء الجوهريّة ثبت حدوث الأجزاء لما سيجيء من انّ حدوث الجوهر يستلزم حدوث الأعراض قطعا.
وثانيهما ان حصر التحيّز فى الحركة والسكون ممنوع ، لجواز أن يكون كونا أوّلا فى حيّز أوّل كما فى آن الحدوث فلا يكون حركة ولا سكونا.
وأجيب عنه بأنّ هذا المنع لا يضرّ لما فيه من تسليم المدّعى على أنّ الكلام فيما ثبت وجوده من العالم وهى الأعيان الّتي تعدّدت فيه الأكوان وتجدّدت عليه الأعصار والأزمان.
أقول فيه نظر ، لانّما إنّه إنّما يتم إذا أورد المنع المذكور على حصر التحيّز بالنّسبة إلى ذات المتحيّز مع قطع النّظر عن غيره فى الحركة والسّكون من حيث أنّه مقدّمة لدليل حدوث العالم. وأمّا إذا أورد على حصره فيهما من حيث أنّه من المقدّمات الكلاميّة ، فإنّ جمهور المتكلّمين حصروه فيهما فى بيان حصر مطلق التحيّز فى الأكوان الأربعة وهى الحركة والسّكون والاجتماع والافتراق فهو نافع موجّه ، ولهذا قال بعضهم انّه لا ينحصر فى الأربعة لمكان القسم الخامس وهو الكون الأوّل ، وغيّروا تعريف السّكون إلى عدم الحركة حتى يشتمل الكون الأوّل. وعلى هذا لا يقدح فى ذلك المنع تخصيص الكلام بالأعيان الّتي فيه يتعدّد الأكوان على أنّ تخصيص الكلام بتلك الأعيان لا يدفع ذلك المنع على تقدير ايراده على مقدّمة الدّليل أيضا إذ لا يثبت عدم انفكاك تلك الأعيان الحركة والسّكون فلا يتمّ التّقريب.
واعلم انّ المراد بأوّليّة الكون وثانويّته أعمّ من أن يكون بحسب ذاته او بحسب الآن الّذي يقارنه ، فلا اشكال فى تعريف الحركة والسّكون سواء بنى الكلام على القول