وحاصله انّ المتّصف بها هو الكلام اللّفظى لا النّفسى المتعلّق به. وفيه انّ اتّصاف الكلام اللّفظى بتلك الصّفات يستلزم اتّصاف الكلام النّفسى الّذي هو مدلول كلام اللّفظي كما لا يخفى ، على أنّ المدّعى حدوث الكلام اللّفظى وأمّا انتفاء الكلام النّفسىّ فبنا على أنّ النّفسانى غير معقول. وأمّا انّ معنى كونه تعالى متكلّما كونه موجدا للكلام لا كونه متّصفا به فلامتناع قيام الحوادث بذاته تعالى.
وتفسير الأشاعرة لكلام الله تعالى بالمعنى القائم بذاته تعالى المسمّى بالكلام النّفسى غير معقول ، أى غير متصوّر لأنّه غير العلم والقدرة والإرادة وساير الصّفات المشهورة ، وغير هذا الصّفات غير متصور ، فالكلام النّفسى غير متصوّر وما لا يكون متصورا لا يصحّ اثباته ، كذا قالوا.
وفيه انّ الكلام النّفسى وإن كان غير متصور بالكنه وبخصوصه لكنّه متصور بوجه ما ، والتّصور بوجه ما كاف فى الإثبات ، على انّ المطلوب نفى الثّبوت لا نفى الإثبات ، اللهم إلّا أن يقال المراد ما لا يكون متصورا بوجه ما لا يكون إثباته على تقدير وقوعه صحيحا صادقا لعدم ثبوته فى الواقع بناء على امتناع المجهول المطلق.
ويحتمل أن يكون قوله : غير معقول بمعنى باطل كما هو المتبادر عرفا. ووجهه أنّ الأشاعرة فسّروا الكلام النّفسىّ بالمعنى القائم بالنّفس الّذي هو المدلول الكلام. اللّفظى ، ومغاير للصّفات المشهورة ، ولا شكّ انّ ذلك المدلول مركّب من ذوات وصفات يمتنع قيامها بذاته تعالى ، فقيامه به باطل قطعا.
واعلم انّ لصاحب المواقف رسالة مفردة فى تحقيق الكلام النفسى ، محصّلها أنّ لفظ المعنى يطلق تارة على مدلول اللّفظ ، وتارة على معنى القائم بالغير ، والأشعرى لمّا قال الكلام هو المعنى النّفسىّ توهّم الأصحاب أنّ مراده مدلول اللّفظ وهو القديم عنده ، وهو الّذي فهموه منه له مفاسد كثيرة كعدم إكفار من أنكر كلامه ما بين دفّتى المصحف مع انه علم من الدّين ضرورة انّه كلام الله تعالى حقيقة ، وكعدم المعارضة والتّحدّى بكلامه الحقيقى إلى غير ذلك مما لا يخفى على المتفطّن فى الأحكام الدّينيّة ، فوجب حمل كلام