به التّبعيّة فى الوجود أو التّبعيّة فى التّحيّز بمعنى أن يكون المحلّ واسطة فى عروض التّحيّز له على ما قيل ، بل الحلول هو الاختصاص الناعت بالمنعوت ليتأوّل حلول الصّفات فى ذات الواجب على رأى الاشاعرة ، على أنّ استلزام التّبعيّة فى التّحيّز للافتقار إلى المحلّ غير مسلّم ، ألا يرى أنّ صاحب المواقف جعل الاستدلال بكون الحلول هو الحصول على سبيل التّبعيّة مقابلا للاستدلال باستلزامه الافتقار إلى المحلّ ، وبالجملة كون الحلول مستلزما للافتقار إلى المحلّ ممنوع كما فى حلول الصّورة فى الهيولى على راى الحكيم ، نعم الحلول بمعنى التّبعيّة فى التّحيّز يستلزم الافتقار إلى الحيّز بناء على ما ادّعوا من أنّ التّحيّز يستلزم الافتقار إلى الحيّز ، وسيجيء الكلام فيه تفصيلا.
واعلم انّه قد نقل عن بعض المتصوفة أنّه تعالى يحلّ فى العارفين وعن النّصارى انّه حلّ فى عيسى (ع) ، فإن أرادوا بالحلول المعنى المذكور فلا شكّ فى بطلانه لما عرفت ، وإن أرادوا معنى آخر فليبين أوّلا حتى نتكلّم عليه ثانيا. وأمّا ما نقل عن الإنجيل مما يدلّ على أنّ عيسى (ع) عبّر عن الله تعالى بالأب وصرّح بحلوله فيه فى جواب يوحنا وهو واحد من الحواريين ، فعلى تقدير صحّته وعدم تحريفه محمول على أنّه من قبيل المتشابهات وهى كثيرة فى الكتب الالهيّة ، ويردها العلماء بالتّأويل إلى ما علم صحّته بالدّليل ، فيجوز أن يكون المراد من الحلول الاختصاص واللّطف ومن الأب المبدأ كما انّ القدماء كانوا يسمّون المبادى بالآباء.
وقد نقل عن بعض غلاة الشيعة أنّه تعالى حلّ فى الأئمة المعصومين (ع) ، بناء على أنّ الظهور الرّوحاني فى صورة الجسمانى ممكن كظهور جبرئيل فى صورة دحية الكلبى ، فلا يبعد أن يظهر الله تعالى فى صورة بعض الكاملين كامير المؤمنين (ع) وعترته الطّاهرين ، لأنّهم أكمل الخلق وأشرفهم ، وأنت تعلم أنّ الظهور غير الحلول وأنّ جبرئيل لم يحلّ فى دحية الكلبى بل ظهر بصورته ، فالظّاهر أنّهم أرادوا بالحلول الظهور.
ولا يجوز أن يكون فى جهة كالعلو والسّفل وغيرهما. وهى إمّا حدود وأطراف الأمكنة ، أو نفس الأمكنة باعتبار عروض الإضافة إلى شيء وإلّا أى وإن كان الله تعالى