كما فى ساير الحوادث. وإمّا بطريق الإيجاب بأن يكون ذلك الحادث مسبوقا بحادث آخر هو أيضا من صفات الكمال له تعالى ، وذلك الأمر مسبوقا أيضا بحادث آخر كذلك لا إلى نهاية على ما هو رأى الحكماء كما قالوا فى حركات الأفلاك ، وعلى هذا لا يلزم تأثّره تعالى عن غيره بل إنّما يلزم احتياجه فى صفاته الكماليّة إلى صفات كماليّة أخرى ، ولا استحالة فيه.
لا يقال : لو تسلسلت الحوادث فى ذاته تعالى يلزم أن لا يكون خاليا عن الحوادث ، وما لا يكون خاليا عن الحوادث حادث وإلا يلزم قدم الحادث فيلزم حدوث الواجب لذاته ، فلا بدّ من الانتهاء إلى صفة حادثة يكون مستندة إلى أمر منفصل عن الذّات فيلزم تأثّره عن الغير واحتياجه إليه فى صفته الكماليّة.
لأنّا نقول : لا نسلّم أنّ كلّما لا يخلو عن الحادث حادث ، وقد مرّ الكلام فيه تفصيلا.
لا يقال : التّسلسل فى الحوادث المتعاقبة باطل على رأى المتكلّمين وبرهان التّطبيق والتضايف وغيرهما فيتمّ الاحتجاج على رأيهم.
لانّا نقول : قد استدلّ الحكماء أيضا بهذا الدّليل حتى قيل هو المعتمد عليه عندهم فى إثبات ذلك المطلوب ويرد الإشكال عليهم قطعا ، لأنّ التّسلسل فى الأمور المتعاقبة فى الوجود جائز عندهم على ما مرّ غير مرة.
وأمّا ثانيا ، فلأنّا لا نسلّم أنّ كلّ صفة قائمة به تعالى صفة الكمال ، ولو سلّم فلا نسلّم أنّ احتياجه تعالى إلى الغير فى صفته الكمالية محال ، إنما المحال احتياجه إلى الغير فى وجوده وهو غير لازم ، اللهم إلّا أن يتمسّك بالإجماع وفيه ما فيه ، وأمّا فى بعض الشروح من انّ الانفعال يستلزم المادّة ، والواجب لذاته يمتنع ان يكون ماديّا ففيه ما لا يخفى.
وأمّا ثالثا ، فلأنّ هذا الدّليل لو تمّ يدلّ على امتناع اتّصافه تعالى بالصّفات الاعتبارية المتجدّدة أيضا ، وقد عرفت أنّه جائز بالاتّفاق ، وأشار إلى الوجه الثّاني بقوله وامتناع النّقص عليه أى لامتناع طريان النّقص وجريانه عليه تعالى. وتقريره ، انّه لو قام به تعالى حادث لكان ناقصا قبل قيام ذلك الحادث به ، واللّازم باطل