والملزوم مثله. أمّا الملازمة فلأنّ جميع صفاته صفات الكمال ، فلو كان شيء منها حادثا لكان الذّات خاليا عنه قبل حدوثه ، والخلوّ عن صفة الكمال نقص. وأمّا بطلان اللّازم فلإجماع على تنزيهه تعالى عن النّقص.
وفيه أيضا نظر من وجوه : الأوّل ، انّا لا نسلّم أنّ جميع صفاته تعالى صفات الكمال ، لجواز أن يكون له صفة لا كمال فى وجوده ولا نقص فى عدمه ، الثّاني ، انّا لا نسلّم انّ الخلوّ عن صفة الكمال نقص ، لجواز ان يكون صفة كماليّة موقوفة على حدوث صفة كماليّة أخرى وانتفائه ، وهى على حدوث صفة كماليّة أخرى وانتفائه لا إلى نهاية كما قالوا فى حركات الأفلاك ، فلا يكون خلّوه تعالى عن صفته الكماليّة الحادثة نقصا بل هو عين الكمال حيث يتوقّف عليه اتّصافه بصفة كماليّة أخرى ، بل استمرار كمالات غير متناهية له.
ويمكن دفعه بأنّ مثل هذا التّسلسل باطل ببرهان التّطبيق والتّضايف وغيرهما على رأى المتكلّمين وهذا الدّليل مبنى على رأيهم لابتنائه على الاجماع والحكماء لا يقولون به كما لا يخفى. الثّالث ، أنّ دعوى الإجماع على تنزيهه تعالى عن النّقص ممنوعة لا بدّ له من دليل قطعى ، على أنّ الإجماع لا يفيد على رأى الأشاعرة فلا يتمّ الاحتجاج به على المطلب اليقينى على رأيهم. الرّابع ، أنّ هذا الدّليل أيضا منقوض بالصّفات الاعتباريّة المتجدّدة له تعالى ، وما هو جوابنا فهو جوابكم.
الصّفة الرّابعة من الصّفات السّلبيّة أنّه يستحيل عليه الرّؤية البصريّة أى يمتنع طريان الكون مرئيا مبصرا عليه تعالى على أن يكون الرّؤية بالمعنى المبنىّ للمفعول ، وهذا مذهب المعتزلة والحكماء ، وخالفهم الأشاعرة والمجسّمة والكراميّة.
وتحرير محلّ النّزاع أنّا إذا علمنا الشّمس علما جليّا ثمّ أبصرناها ثم اغمضنا العين يحصل ثلاث مراتب من الانكشاف متفاوتة فى الجلاء ، فالحالة الثالثة أقوى وأجلى من الحالة الأولى ، والثّانية من كلتا الحالتين ، كما يشهد به الوجدان. فمحل النّزاع هو الحالة الثّانية وهى المراد من الرّؤية فى هذا المقام ، فمنعها المعتزلة والحكماء فى البارى تعالى مطلقا ، وجوّزها الأشاعرة فى الدّنيا والآخرة عقلا ، وحكموا بوقوعها فى الآخرة سمعا ، لكن من