وجوب الوجود يدلّ على نفى المثل والنّدّ ، لأنّ المثل فى اصطلاح الحكماء والمتكلّمين هو المشارك فى تمام الماهيّة ، ولا شكّ انّ المشاركة فى الماهيّة يستلزم التّركيت ممّا به اشتراك وممّا به امتياز. والنّدّ أخصّ من المثل لأنّه المثل المناوى أى المخالف على ما قيل ، ونفى الأعمّ يستلزم نفى الأخصّ قطعا. فظاهر انّ ما فى بعض الشروح من أنّ نفى الشّريك يستلزم نفى المثل لأنّ المثل أخصّ من الشّريك فى تمام الحقيقة والنّدّ بمعنى المثل فاسد من وجهين فتوجّه.
ومن ادقّ ما استدلّ به على امتناع تعدّد الواجب لذاته ، أنّه لو تعدّد الواجب لكان مجموعهما ممكنا فلا بدّ من علّة فاعليّة مستقلّة لكن لا يمكن أن يكون تلك العلّة نفس المجموع لاستحالة كون الشيء علّة لنفسه ولا جزأ منه ولا خارجا عنه ، لأنّ فاعل الكلّ لا بدّ أن يكون فاعلا لجزء ما منه ، فيلزم كون الواجب معلولا لغيره وهو محال.
اقول : فيه نظر امّا أوّلا فلأنّه يجوز أن يكون مجموع الواجبين واجبا ، إذ الواجب الخارج عن القسمة على رأى الحكماء ما كان وجوده عين ذاته وعلى رأى المتكلّمين ما كان ذاته مقتضيا لوجوده اقتضاء تامّا ضروريّا ، وكلا المعنيين صادق على هذا المجموع قطعا ، واحتياجه إلى الجزء لا ينافى ذلك. وأمّا ما حقّق فى محلّه من أنّ لوازم الوجوب الذّاتي استحالة كون الواجب مركّبا فهو على تقدير تمامه مبنى على امتناع تعدّد الواجب ، فاثبات هذا بذلك دور. وأمّا ثانيا ، فلجواز أن يكون مجموع الواجبين ممكنا وعلّته أحدهما ، ولا يلزم أن يكون فاعل الكلّ فاعلا لجزئه وإنّما يلزم ذلك إذا كان إمكان الكلّ واحتياجه إلى الفاعل باعتبار جزء ما منه ، وأمّا إذا كان باعتبار نفسه من غير حاجة لشيء من الأجزاء إلى الفاعل كما فيما نحن فيه فلا على ما لا يخفى. وقد سمعت منافى أوائل الكتاب ما ينفعك فى هذا الباب.
الصّفة السّادسة من الصّفات السّلبيّة نفى المعانى والأحوال عنه أى كونه تعالى بحيث لا يثبت له شيء من المعانى والأحوال ، والمراد من المعانى الصّفات الوجوديّة الزّائدة على الذّات ، ومن الأحوال الصّفات الّتي هى غير موجودة ولا معدومة قائمة بموجود