على ما توهّمه مثبتوا الحال من المتكلّمين.
وتلخيص الكلام فى هذا المقام أنّ المختار عند أهل الحق وهو مذهب الحكماء أنّه ليس للواجب صفة موجودة زايدة على ذاته ، بل وجوده وساير صفاته عين ذاته ، بمعنى أنّ ما يترتّب فى الممكنات على صفة زايدة قائمة بها من الوجود والحياة والعلم والقدرة وغيرها يترتّب فى الواجب على ذاته المقدّسة ، خلافا للاشاعرة حيث قالوا جميعا بسبع صفات حقيقيّة له تعالى هى : العلم والقدرة والحياة والإرادة والسّمع والبصر والكلام ، وبعضهم بها مع التّكوين ولبعض المعتزلة حيث قالوا بأحوال خمسة له تعالى هى : العالميّة والقادريّة والحييّة والموجودية والألوهيّة ، ولبعض المتكلّمين من الأشاعرة والمعتزلة حيث قالوا بصفات وجوديّة أخرى كالبقاء والقدم واليد والوجه وغيرها.
والدّليل على نفى المعانى والاحوال عنه تعالى أنّه لو كان البارى تعالى قادرا بقدرة زايدة وعالما بعلم زائد وغير ذلك أى أو كان غير ذلك بأن يكون مريدا بإرادة زايدة أو قادرا بقادريّة زايدة وعالما بعالميّة زايدة وعلى هذا القياس فى ساير المعانى والاحوال لافتقر فى صفة من صفاته إلى ذلك المعنى المغاير له أى مثلا ، إذ المراد بالمعنى هاهنا أعمّ من الصّفة الموجودة والحال ليشتمل الأحوال أيضا ، ولا شك انّ كلّ مفتقر إلى الغير ممكن فيكون البارى تعالى ممكنا وقد ثبت وجوبه هذا خلف.
فلمّا كان ثبوت صفة زايدة من المعانى والأحوال له تعالى مستلزما للمحال وهو افتقاره فى صفته الى الغير المستلزم لإمكان الواجب كان ذلك الثّبوت محالا قطعا ، فظهر انّ هذا الدّليل كما يدلّ على نفى المعانى يدلّ على نفى الأحوال فلا حاجة إلى تخصيصه بنفى المعانى كما يوهمه لفظ المعنى فى نظم الدّليل وإثبات نفى الأحوال بدليل آخر وهو انّ ثبوت الأحوال من توابع ثبوت المعانى فيلزم نفيها من نفى المعانى كما فى بعض الشروح مع أنّ فيه ما لا يخفى.
واعلم انّ ذلك الدّليل أولى مما قيل أنّه لو كان له تعالى صفة زايدة وجوديّة ، فإن كانت واجبة لذاتها يلزم تعدّد الواجب ، وان كانت ممكنة فان كان موجدها ذاته تعالى