يلزم أن يكون شيء واحد فاعلا وقابلا ، وإن كان غير ذاته يلزم احتياج الواجب الى الغير ، واللّوازم كلّها باطلة وذلك لأنّه يرد عليه انّ امتناع كون الشيء الواحد فاعلا وقابلا لو تم إنّما يتمّ إذا كان ذلك الشيء واحدا من كلّ وجه حتّى يكون فاعلا وقابلا من جهة واحدة وهو فيما نحن فيه ممنوع مع انّ الافتقار إلى الغير لازم على جميع التّقادير ، فلا حاجه إلى ذلك التّرديد والتفصيل. نعم يتّجه على الدّليلين انّهما مبنيّان على ثبوت المعنى المطلق له تعالى على ما سيجيء بيانه وسيأتى الكلام فيه تفصيلا.
الصفة السّابعة من الصفات السلبية أنّه تعالى غنىّ ، اى ليس بمحتاج إلى غيره أصلا لا فى وجوده ولا فى صفة من صفاته مطلقا ، وذلك لأنّ وجوب وجوده لما تقدّم من دليل إثبات الواجب من دون غيره لما سبق دليل نفى الشّركة فى وجوب الوجود يقتضي استغنائه أى الواجب تعالى عنه أى عن غيره وإلّا لكان ممكنا ، ضرورة أنّ الاحتياج إلى الغير ينافى وجوب الوجود وافتقار غيره إليه أى افتقار غير الواجب مطلقا إلى الواجب وإلّا لكان بعض أغياره واجبا ، ضرورة انّ الممكن لا بد له من الاستناد إلى الواجب ابتداء او بواسطة على ما سبق بيانه تفصيلا.
أقول : فيه نظر ، لأنّ الافتقار إلى الغير فى صفة غير الوجود لا ينافى الوجوب الذّاتي على أنّ الافتقار فى الوجود إلى الغير إنّما ينافى الوجوب الذّاتىّ لو استند ذلك الغير إليه على ما مرّت الإشارة إليه فليتأمّل.
وأنت تعلم أنّ بيان افتقار غير الواجب إليه زائد لا دخل له فى اثبات المدّعى إلّا أن يقال فيه إشارة إلى دليل آخر على ذلك المدّعى ، وتقريره أنّ افتقار غير الواجب إليه يستلزم عدم احتياجه إلى الغير وإلّا لزم الدّور على ما لا يخفى.