ولاستلزام نفيه أى نفى فعله تعالى لغرض أو نفى الغرض فى فعله تعالى العبث أى كون فعله عبثا خاليا عن فايدة وغرض وهو محال لأنّه قبيح والقبيح عليه تعالى محال كما مرّ آنفا.
واعترض عليه بأنّ العبث هو الخالى عن الفائدة والمصلحة لا الخالى عن الغرض والعلّة الغائية ، وافعاله تعالى مشتملة على حكم ومصالح لا يحصى لكنّها ليست أسبابا باعثة عليها وعللا مقتضية لها فلا يكون أغراضا وعللا غائية فلا عبث ولا قبيح.
اقول : يمكن أن يجاب عنه بأنّ الفاعل إذا فعل فعلا من غير ملاحظة فائدة ومدخليّتها فيه يعدّ ذلك الفعل عبثا أو فى حكم العبث فى القبح وان اشتمل على فوائد ومصالح فى نفس الأمر ، لأنّ مجرّد الاشتمال عليها لا يخرجه عن ذلك ، ضرورة ان ما لا يكون ملحوظا للفاعل عند إيقاع الفعل ولا مؤثّرا فى إقدامه عليه فى حكم العدم كما لا يخفى على من أنصف من نفسه. نعم ، إبطال العبث فى فعله تعالى بالأدلّة النقليّة مثل قوله تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) وقوله تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) كما ذكره الشّارحون منظور فيه على ما لا يخفى.
وأمّا استدلال الاشاعرة على مذهبهم بأنّه لو كان فعله تعالى معلّلا بالغرض لكان ناقصا فى ذاته مستكملا بغيره الّذي هو ذلك الغرض ، ضرورة أنّه لو لم يكن كمالا بالنسبة إليه تعالى لم يكن باعثا له على ذلك الفعل.
ففيه نظر ، لأنّه لا يجوز أن يكون الغرض كمالا ونفعا بالنّسبة إلى غيره تعالى لا بالنّسبة إليه ، ودعوى العلم الضّرورىّ بانّه لو لم يكن أولى وأكمل بالنّسبة إليه تعالى لم يصلح أن يكون غرضا له ممنوعة على أنّ بطلان استكماله تعالى بغيره فى حيّز المنع ، اللهم إلّا أن يدّعى الإجماع ويبنى الكلام على الإلزام ، وفيه ما فيه فتأمّل. وليس الغرض من فعله تعالى هو الإضرار المحض لقبحه ضرورة ألا ترى أنّ من قدّم إلى غيره طعاما مسموما ليقتله يذمّه العقلاء ويعدّون ذلك الفعل منه قبيحا. وما قيل من أنّه كيف يدّعى