وبحسن الحسن وترتّب المدح عليه بناء على أنّ الحسن والقبح عقليّان. وثانيهما ، المعارضة وهى انّ جهة حسن التّكليف إمّا حصول الثّواب والعقاب وكلاهما باطلان فالتكليف باطل. أمّا الأوّل فلانّ الثّواب مقدور لله تعالى ابتداء فلا فائدة فى توسيط التّكليف. وأمّا الثّاني فلأنّ العقاب إضرار محض وهو قبيح عليه تعالى كما مرّ.
أشار المصنّف الى جواب الأوّل بقوله : والعلم الضّرورى بقبح القبيح وحسن الحسن ترتّب الذّمّ والمدح عليهما غير كاف فى الزّاجر لاستسهال الذّم أى استسهال طبع الخلق الذّمّ وعدّه اياه سهلا حقيرا فى مقابل قضاء الوطر أى المقصود الطبيعىّ فى الأكثر ، فلا بد من التّكليف المشتمل على ما هو أقوى وأعظم شأنا مما يقتضيه الطّبيعة كما لا يخفى.
فإن قلت : هذا الجواب إبطال للسّند الأخصّ وهو خارج عن قانون المناظرة.
قلت : لما بطل كون العلم الضّرورى كافيا فى الزّاجر ثبت أنّه لا بد من أمر زائد فاختير التّكليف لاستلزامه ما هو الواجب فتأمّل ،
وأشار إلى جواب الثّاني بقوله : وجهة حسنه أى الغرض الباعث على وجوب التّكليف التّعريض للخلق بالثّواب وهو حاصل للمؤمن والكافر لا حصول الثّواب حتّى يختصّ بالمؤمن أعنى بالثّواب النّفع المستحقّ أى الّذي استحقّه العبد المقارن ذلك النّفع للتّعظيم والاجلال للعبد. فالنّفع جنس يشتمل المنافع كلّها. وقيد الاستحقاق احتراز عن التفضّل وقيد المقارنة للتّعظيم عن العوض الّذي صفة كاشفة للنّفع المذكور يستحيل الابتداء به من غير توسيط التّكليف ضرورة انّ تعظيم من لا يستحقّ التّعظيم قبيح عقلا ، ألا ترى أنّ السّلطان إذا أمر بزبّال واعطاه مالا كثيرا لا يستقبح ذلك منه بل يعدّ جودا وفضلا ، لكنّه مع ذلك إذا نزل لديه وقام بين يديه تعظيما له وتكريما إيّاه ، وامر خواصّ خدمه بتقبيل أنامله يستقبح ذلك منه جدّا وينسب عند العقلاء بقلّة العقل وخفّة الطّبع. فالله سبحانه لمّا أراد أن يعطى عباده منافع دائمة مقرونة باجلال وإكرام منه ومن ملائكته المقرّبين لم يحسن أن يتفضّل بذلك عليهم ابتداء من غير استحقاق سابق. وتلخيص الجواب انّا