لا نسلّم حصر جهة الحسن فى حصول الثّواب والعقاب ، ولو سلّم فنختار الشّقّ الأوّل ونمنع عدم الفائدة فى توسيط التّكليف.
المبحث الخامس فى أنّه تعالى يجب عليه اللّطف فسّروا مطلق اللّطف بأنّه ما يقرّب العبد إلى الطّاعة ويبعّده عن المعصية بحيث لا يؤدّى إلى الإلجاء وهو قسمان : لطف محصّل وهو يحصل فعل الطاعة وترك المعصية على سبيل الاختيار بأن لا يتوقّف حصولهما عليه كالقدرة والآلة ، ولطف مقرّب وهو ما يقرّب العبد إلى الطّاعة ويبعده عن المعصية هذا كالجنس مشترك بين قسمى اللّطف ، وقوله ولا حظّ له فى التّمكين أى لا دخل له فى الفعل والتّرك احتراز عن اللّطف المحصّل لكن الأولى أن يقول : ولا حظّ له فى الحصول إذا المتبادر من الحظّ والتّمكين المدخليّة فى الأقدار ، فيصدق على نفس القدرة انّه لا حظّ لها فى التّمكين ، مع أنّها من افراد اللّطف المحصّل. وقوله ولا يبلغ الالجاء أى لا يصل إلى حدّ الاضطرار اشارة إلى شرط معتبر فى مطلق اللّطف ، لأنّ الإلجاء ينافى التّكليف وما يتفرّع عليه من الثّواب والعقاب ، وذلك كبعثة الأنبياء ونصب الأئمّة ، فإنّ العباد معهما أقرب إلى الطّاعات وأبعد من المعاصى منهم بدونهما كما لا يخفى. لتوقّف متعلق بقوله يجب عليه اللّطف ودليل عليه غرض المكلّف من التّكليف وهو امتثال المكلّفين لما فيه من الأمر والنّهى عليه أى على اللّطف.
والحاصل أنّ إتمام الغرض من التّكليف موقوف على اللّطف ، وكلّ ما يتوقّف عليه إتمام الغرض فهو واجب ، فاللّطف واجب. أمّا الأوّل فإنّ المريد لفعل من غيره إذا علم أنّه لا يفعله أى لا يفعل ذلك الغير الفعل المراد بسهولة إلا بفعل يفعله المريد من غير مشقّة وتعب لو لم يفعله أى المريد ذلك الفعل المبنىّ عليه سهولة الفعل المراد لكان المريد ناقضا لغرضه من الإرادة وهو الإتيان بالفعل المراد ، وهذا حكم ضرورى كمن دعى شخصا إلى طعام وهو يعلم أنّه لا يجيبه بسهولة إلّا بعد إرسال عبده إليه ولا مشقّة له فى ذلك الإرسال ، فلو لم يرسل عبده إليه لعدّ العقلاء ناقضا لغرضه على ما لا يخفى. وأمّا الثّاني فلأنّ ترك ما يتوقّف عليه إتمام الغرض نقض له وهو