قبيح عقلا بالضّرورة والقبح مستحيل عليه تعالى ، فيكون ما يتوقّف عليه إتمام الغرض واجبا عليه قطعا. وإنّما حملنا توقّف غرض المكلّف على اللّطف على توقّف إتمامه عليه أولا وفعل الغير للمراد على فعله له بسهولة ثانيا ، لأنّ الكلام فى اللّطف المقرّب وهو مما يتوقّف عليه إتمام الغرض لا نفسه. وعورض هذا الدّليل بأنّه لو كان اللّطف واجبا عليه تعالى لكان مثل نصب الإمام المعصوم فى كلّ ناحية ، وتعيين حاكم مجتهد فى كلّ بلد إلى غير ذلك مما لا يجب عليه تعالى اتّفاقا وبديهة واجبا عليه تعالى لكونه لطفا بالضرورة ، ويمكن تقريره نقضا إجماليّا أيضا كما لا يخفى. وفيه نظر ، لأنّا لا نسلّم انّ مثل هذه الأمور لطف يتوقّف عليه إتمام الغرض لجواز اشتمالها على مفسدة مثل قيام الفتن والمخالفة بين المسلمين بحيث يختلّ نظام أمور الدّين فليتأمّل ، وللمخالفين هاهنا شبه اخرى لا نطول الكلام بإيرادها ودفعها.
واعلم انّ المراد بوجوب اللّطف عليه تعالى وجوب نفسه عليه إن كان من مقولة فعله تعالى كبعثة الأنبياء أو نصب الائمّة ووجوب الإشعار به للملطوف وإيجابه عليه ان كان فعل الملطوف كنصب الادلّة على ما يجب معرفته بالدّليل ووجوب إعلامه به ، وتحصيله له إن كان فعل غيرهما كالإعانة فى تحصيل المصالح ودفع المفاسد.
المبحث السّادس فى أنّه تعالى يجب عليه عوض الآلام الصّادرة عنه ابتداء من غير سبق استحقاق كالأمراض والغموم المستندة إلى علم ضرورىّ أو كسبى يقينيّ أو ظنىّ وتفويت المنافع لمصلحة الغير كالزّكاة ، والمضارّ الصّادرة عن العباد بأمره كالذّبح فى الهدى والأضحية ، أو باباحته كالصّيد ، والمضارّ الصّادرة عن غير عاقل بتمكينه كالألم الصّادرة عن السّباع المولمة وبالجملة كلّ ألم للعبد كان الله تعالى هو الباعث على حصوله ابتداء سواء كان لقدرة العبد واختياره مدخل فيه أولا ، فيجب عوضه عليه تعالى. وأمّا ما كان الباعث على حصوله هو العبد عقلا أو شرعا كالاحتراق عند إلقاء إنسان فى النّار والقتل عند شهادة الزّور ، أو كان الباعث عليه هو الله تعالى لكنّ بسبق استحقاق المكلّف له بارتكاب معصية كآلام الحدود فلا يجب عوضه عليه تعالى ، بل عوض الأوّل للعبد ولا