المبحث الرابع فى تفضيل النّبيّ (ص) على غيره ممن بعث إليه يجب أن يكون النّبيّ (ص) أفضل أهل زمانه المبعوث هو إليهم أى أعلم وأكمل منهم ، لأنّه لو لم يكن أفضل منهم لكان إمّا مساويا أو مفضولا لهم وكلاهما باطلان ، الأوّل لامتناع الترجيح من غير مرجّح ، والثّاني لقبح تقديم المفضول النّاقص على الفاضل الكامل عقلا وسمعا. أمّا عقلا فظاهر وأمّا سمعا فلأنّه قال الله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ومن البيّن انّ هذا الاستفهام التّقريرىّ يدلّ على قبح تقديم المفضول على الفاضل سمعا بل عقلا أيضا. وكان الأفضليّة هاهنا ليست بمعنى الأفضليّة فى قولهم : الأنبياء أفضل من الملائكة لكونها بمعنى اكثرية الثّواب عند الله ، بخلاف ما نحن فيه لكونها بمعنى الأكمليّة وهو المراد من أفضليّة الإمام من الرّعية على ما سيجيء وان كانت أكثريّة الثّواب ثابتة للنّبىّ والإمام أيضا.
المبحث الخامس فى تنزيه النّبيّ (ص) يجب أن يكون النّبيّ (ص) منزّها عن جميع ما يوجب التنزّه عنه سواء كان فيما يتعلّق به مثل عن دناءة الاباء لكفر أو بدعة أو صنعة دنيّة كالحياكة وعهر الأمّهات أى زنائهنّ كما روى عن النّبيّ (ص) : لم يزل ينقلنى الله من الأصلاب الطّاهرة إلى الأرحام الزّكيّة أو كان فى نفسه إمّا فى أحواله من الصّفات الخسيسة كالبول فى الطّريق والصّنائع الرّدية والرّذايل الخلقيّة ـ بالضمّ ـ أى الأخلاق الذّميمة ، كالفظاظة والغلظة والبخل والحسد وما أشبه ذلك ، وإمّا فى ذاته وخلقته من الأمراض المزمنة والعيوب الخلقيّة ـ بالكسر ـ الدّالة على خسّة صاحبها كالبرص والجذام والأبنة وما أشبه ذلك لما فى ذلك المذكور كلّه من النّقص الموجب لسقوط وقعه عن القلوب فيسقط محلّه ومنزلته أى وقعه وشأنه عن القلوب أى قلوب الأمّة فلا ينقادون لأوامره ونواهيه والمطلوب من البعثة خلافه أى خلاف ذلك السّقوط وهو ارتفاع وضع النّبيّ (ص) وعظم شأنه فى القلوب ، فيختلّ