الرّئاسة جنسا قريبا ممنوع ، لجواز أن يكون جنسا متوسّطا ، وكذا ما قيل انّها بمنزلة الجنس محلّ نظر ، إذ الظّاهر انّ هذا التّعريف حدّ اسميّ للإمامة والرّئاسة جنس اسمي لها ، لكونها ماهيّة اعتبارية. وأمّا ما قيل انّ الظّرفين للاحتراز عن الرّئاسة العامّة فى أحدهما ففيه انّ الرّئاسة العامّة بهذا الوجه احتمال عقليّ لا يلتفت إلى الاحتراز عنه فى التعريفات. وما قيل انّ القيد الأخير يجوز أن يكون للاحتراز عن النّبوّة المشتركة كنبوّة موسى وهارون عليهما السّلام ـ أو عن رئاسة الامّة إذا عزلوا الإمام لفسقه ، يرد عليه انّه لا بدّ فى التّعريف من قيد آخر لإخراج النّبوّة مثل النّيابة عن النّبيّ كما هو المشهور ، وعلى هذا الاحاجة فى الاحتراز عن النّبوّة المشتركة إلى ذلك القيد. والقول بانّ المحدود هو الإمامة المطلقة الشّاملة للنّبوّة فلا حاجة إلى قيد النّيابة عن النّبيّ لإخراجها لا يساعده العرف المشهور وسوق الكلام فى هذا المقام ، مع أنّه لا حاجة حينئذ إلى اخراج النّبوّة المشتركة أيضا. وأمّا حديث رئاسة الأمّة عند عزل الإمام فكلام مبنىّ على رأى أهل السّنّة على وفق أئمّتهم الفاسقة الفاسدة.
وقد توهّم بعضهم أنّه لا بدّ فى التّعريف من قيد بحقّ الأصالة لإخراج رئاسة نائب فوّض الإمام إليه عموم الولاية ، وفيه أنّه إن اراد بعموم الولاية العموم المعتبر فى ذلك التّعريف فهو احتمال عقلىّ لا يقدح فى التعريفات ، وإن اراد العموم فى الجملة كعموم الولاية الثّابت للمجتهدين فلا شكّ انّ قيد العموم المذكور اخرج تلك الرّئاسة ، على أنّ قيد النّيابة عن النّبيّ (ص) كاف فى إخراجها على التّقديرين كما لا يخفى.
وهى أى الإمامة واجبة عقلا. اختلفوا فى أنّ نصب الامام بعد انقراض زمن النّبوّة واجب أولا وعلى تقدير وجوبه واجب على الله أو على العباد وإمّا عقلا أو سمعا ، فذهب أهل الحقّ إلى أنّه واجب على الله تعالى عقلا ، ووافقهم الاسماعيليّة إلّا أنّ أهل الحق يوجبون عليه تعالى لحفظ قواعد الشّرع والاسماعيليّة ليكون معرّ فالذات الله وصفاته بناء على ما هو مذهبهم من أنّه لا بدّ فى معرفته تعالى من معلّم. وذهب أهل السّنّة إلى أنّه واجب على العباد سمعا ، واكثر المعتزلة والزّيديّة إلى وجوبه عليهم عقلا وقيل عقلا وسمعا معا ، وذهب الخوارج إلى عدم وجوبه مطلقا ، وقيل يجب عند الخوف لا مع الأمن وقيل بالعكس.