العباد فيهما ، فيختلّ الرّئاسة العامّة وينتفى فائدة الامامة هذا خلف. فلا بدّ أن يكون معصوما ليؤمن على صيغة المضارع المجهول من الايمان المأخوذ من الأمن للتّعدية من الزّيادة والنّقصان أى ليجعل آمنا من الزيادة والنّقصان فى تبليغ الأحكام ، فثبت رئاسته العامّة فى الدّين والدّنيا ، وإلّا لم يكن آمنا من ذلك على ما لا يخفى.
أقول : هذا الدّليل قريب إلى ما استدلّ به على وجوب عصمة النّبيّ (ص) من أنّه لو لم يكن معصوما لم يحصل الوثوق بقوله فينتفى فائدة البعثة وعلى هذا لا يرد عليه بعض ما أورده بعض المحقّقين من أنّ الإمام ليس حافظا للشّرع بذاته بل بالكتاب والسّنّة وإجماع الأمّة واجتهاده الصّحيح ، وأيضا لا حاجة إلى إثبات الصّغرى بأنّها اتّفاقيّة أو بأنّ الشّرع لا بدّ له من حافظ وحافظه لا يجوز أن يكون الكتاب ولا السّنّة ولا الإجماع ولا القياس ولا البراءة الأصليّة ، فتعيّن أن يكون هو الإمام كما فى بعض الشروح ، لأنّ دعوى الاتّفاق لا بيّنة لها ، وحصر الحافظ فى الأقسام المذكورة ممنوع لجواز أن يكون الحافظ هو الله تعالى او ملكا على أنّ ما ذكره فى إبطال كون الحافظ غير الإمام من تلك الأقسام محلّ تأمّل وهكذا حقّق ودع عنك ما قيل أو قال.
وأعلم أنّه ربّما يختلج فى بعض الأوهام أنّ هذا الدّليل يقتضي أن يكون العصمة شرطا فى المجتهد لانه حافظ للشّرع ، فلا بدّ أن يكون معصوما ليؤمن الزّيادة والنّقصان ، وكذا الدّليل المذكور قبله ، لأنّه لو فعل المعصية سقط من القلوب وانتفت فائدة الاجتهاد ، أو سقط حكم الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر وكلاهما باطلان لكنّها ليست شرطا فيه على ما تقرّر فى محلّه ، وهو مدفوع بأنّ المجتهد ليس حافظا للشّرع بين جميع النّاس بل مظهر له على من قلّده ولا يجب فيه أن يكون آمنا من الزّيادة والنّقصان على سبيل القطع ، بل يكفى حسن الظّنّ به ، وكذا فعل المجتهد معصية لا يلزم انتفاء فائدة الاجتهاد لأنّ فائدة وجوب العمل بقوله على من قلّده ، ويكفى فيه حسن الظّنّ بصدقه بعد ثبوت الاجتهاد ، وذلك بشرط العدالة فيه ، وبالجملة مرتبة الاجتهاد لكونها دون مرتبة الإمامة يحصل باجتماع شرائطها المشهورة المسطورة فى كتب الاصول. ويكفى فى وجوب العمل