العقل ، لكنّه ليس من الأدب لجواز أن يكون غير جائز من جهة لا نعلمها.
قال : ولا يتّحد بغيره لامتناع الاتّحاد المطلوب.
اقول : الاتّحاد يقال على معنيين : مجازىّ وحقيقىّ ، أمّا المجازى فهو صيرورة الشّيء شيئا آخر بالكون والفساد إمّا من غير اضافة شيء آخر ، كقولهم : صار الماء هواء ، ووصار الهواء ماء ، أو مع اضافة شيء آخر ، كما يقال : صار التّراب طينا بانضياف الماء إليه. وأمّا الحقيقى فهو صيرورة الشّيئين الموجودين شيئا واحدا موجودا. اذا تقرّر هذا فاعلم ، أنّ الأوّل مستحيل عليه تعالى قطعا ، لاستحالة الكون وو الفساد عليه. وأمّا الثّاني فقد قال بعض النّصارى انّه اتّحد بالمسيح ، فانّهم قالوا اتّحدت لاهوتيّة البارى مع ناسوتية عيسى (ع). وقالت النصيريّة انه اتّحد بعلى (ع). وقال المتصوّفة انّه اتّحد بالعارفين. فان عنوا غير ما ذكرناه ، فلا بد من تصوّره أوّلا ، ثم يحكم عليه ، وان عنوا ما ذكرناه ، فهو باطل قطعا ، لانّ الاتّحاد مستحيل فى نفسه ، فيستحيل إثباته لغيره. أمّا استحالته فهو انّ المتّحدين بعد اتّحادهما إن بقيا موجودين فلا اتّحاد ، لأنّهما اثنان لا واحد. وإن عدما معا ، فلا اتّحاد بل وجد ثالث. وان عدم أحدهما ، وبقى الآخر فلا اتّحاد أيضا ، لأنّ المعدوم لا يتّحد بالموجود.
قال : الثّالثة ، أنّه تعالى ليس محلا للحوادث ، لامتناع انفعاله عن غيره ، وامتناع النّقص عليه.
اقول : اعلم انّ صفاته تعالى لها اعتباران : أحدهما بالنّظر الى نفس القدرة الذّاتيّة والعلم الذّاتىّ إلى غير ذلك من الصّفات. وثانيهما بالنّظر الى تعلّق تلك الصّفات بمقتضياتها ، كتعلّق القدرة بالمقدور ، والعلم بالمعلوم ؛ فهى بهذا المعنى لا نزاع فى كونها أمورا اعتباريّة إضافيّة متغيّرة بحسب تغيّر المتعلّقات وتغايرها. وأمّا باعتبار الأوّل ، فزعمت الكرّاميّة أنها حادثة متجدّدة بحسب تجدّد المتعلّقات. قالوا انه لم يكن قادرا فى الأزل ثمّ صار قادرا ، ولم يكن عالما ثم صار عالما ، والحقّ خلافه ، فانّ