فلقوله تعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ). وقوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) وأمّا السّنّة فلقوله (ص) لتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليسلّطنّ الله شراركم على خياركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم وأمّا الإجماع فلاتّفاق كافّة المسلمين على ذلك قطعا. وكما انّ الأمر بالواجب والنّهى عن القبيح واجبان ، الأمر بالمندوب والنّهى عن المكروه مندوبان ، لكن لا مطلقا بل كلّ ذلك مشروط بشرط أن يعلم الآمر والنّاهى المكلّفان كون المعروف معروفا والمنكر منكرا يعنى انّ وجوب الأمر بالواجب مشروط بأن يعلم الآمر كون الواجب المأمور به واجبا ، ووجوب النّهى عن المنكر القبيح مشروط بأن يعلم النّاهى كون القبيح المنهىّ عنه قبيحا ، وكذا ندب الامر بالمندوب والنّهى عن المكروه مشروط بعلم كون المندوب مندوبا والمكروه مكروها ، لئلا ينجرّ الأمر إلى الأمر بالقبيح أو المكروه والنّهى إلى النّهى عن الواجب او المندوب وبشرط أن يكونا أى المعروف والمنكر ممّا سيقعان والأولى حذف قوله ممّا كما فى بعض النّسخ ، والأحسن أن يقال : وأن يكون المعروف سيقع والمنكر سيترك كما فى الدروس والمقصود كونهما استقبالين لأنّ الأمر بالماضى والنّهى عنه عبث وكذا الحال على ما لا يخفى ، وبشرط تجويز التّأثير أى تأثير الأمر والنّهى فى المأمور والمنهىّ بحسب الظّنّ لئلا يلزم العبث أيضا وبشرط ظنّ الأمن من الضّرر الغير المستحقّ بالنّسبة إليهما أو غيرهما من المؤمنين نفسا أو مالا لأنّه مفسدة ، والواجب لا يجوز اشتماله عليها بل يحرم الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر عند بعض الفقهاء. ثم طريق الأمر والنّهى التّدريج ، فالأوّل الإعراض ثمّ الكلام اللّيّن ثمّ الخشن ثم الأخشن ثم الضّرب. أمّا الجرح والقتل فالأقرب تفويضهما إلى الإمام عند بعضهم. وأمّا الأمر والنّهى بالقلب فيجبان مطلقا.
وأعلم انّهم اختلفوا فى أنّ وجوب الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر عقلى أو