سمعى ، فذهب الشّيخ مع بعض المعتزلة إلى الأوّل ، والسيّد مع الأشاعرة إلى الثّاني ،
واحتجّوا على الأوّل بأنّهما لطفان فى فعل الواجب وترك القبيح ، واللّطف واجب عقلا فيجبان عقلا. وعلى الثّاني بأنّهما لو وجبا عقلا لوجبا على الله تعالى ، واللّازم باطل فالملزوم مثله ، أمّا الملازمة فلأنّ كلّ واجب عقلىّ واجب على من حصل فى حقّه وجه الوجوب ، وأمّا بطلان اللّازم فلأنّهما لو وجبا عليه تعالى فأن كان فاعلا لهما وجب وقوع المعروف وانتفاء المنكر وهو خلاف الواقع ، وإن كان تاركا لهما يلزم الإخلال بالحكم وهو محال عليه تعالى.
اقول : فى كلا الدّليلين ، نظر أمّا الأوّل فلأنّا لا نسلّم انّ الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر لطف مطلقا ، ولو سلّم فوجوب اللطف على العباد محال لا بد له من بيان.
وأمّا الثّاني فلأنّا لا نسلّم انّ وجوبهما عقلا يستلزم وجوبهما على الله تعالى لجواز ان لا يكون وجه الوجوب حاصلا فيه تعالى ، ولو سلّم فاللّازم وجوب الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر عليه تعالى ، ولا يلزم من كونه آمرا أو ناهيا وقوع المأمور به وانتفاء المنهىّ عنه لعدم الإلجاء كسائر الأوامر والنّواهى. واختلفوا أيضا فى انّ وجوبهما عينىّ أو كفائىّ ، فقال الشّيخ بالأوّل والسيّد بالثّانى. واحتج الشّيخ بظاهر الآية الثانية من الآيتين المذكورتين فى بيان وجوبهما ، والسيّد بظاهر الآية الأولى منهما. وأنت تعلم انّ ظاهر الحديث المذكور يؤيّد الشّيخ ، وباب التأويل لدفع التّعارض مفتوح على المتخاصمين فليتأمّل.
ولا يخفى على المتفطّن حسن خاتمة هذه الرّسالة الشريفة حيث وقع اختتامها بالأمن من الضّرر كما انّ حسن فاتحتها حيث اتّفق افتتاحها بلفظ الباب كما لا يخفى على أولى الألباب.
اللهم افتح بالخير واختم ، واجعل عاقبة أمورنا بالخير. ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين ، بحقّ نبيّك محمّد سيّد المرسلين ، وآله الطّيّبين الطّاهرين ، وعبادك الصّالحين من الأوّلين والآخرين.
اتّفق الفراغ عن نقله من المسودّة إلى البياض على يد العبد الضّعيف المرتاض