الوجود ، فلا يخلو إمّا أن يتميّزا أولا ، فان لم يتميّزا لم تحصل الاثنينيّة ، وان يتميّزا لزم تركيب كلّ واحد منهما ممّا به المشاركة وممّا به الممايزة ، وكلّ مركّب ممكن ، فيكونان ممكنين ، هذا خلف.
قال : السّادسة ، فى نفى المعانى والأحوال عنه تعالى ، لأنّه لو كان قادرا بقدرة ، وعالما بعلم ، وغير ذلك ، لافتقر فى صفاته إلى ذلك المعنى ، فيكون ممكنا ، هذا خلف.
اقول : ذهب الأشاعرة إلى انّه تعالى قادر بقدرة ، وعالم بعلم ، وحىّ بحياة الى غير ذلك من الصّفات ، وهى معان قديمة زائدة على ذاته ، قائمة بها. وقالت البهشمية أنّه تعالى مساو لغيره من الذّوات ، وممتاز بحالة تسمّى الألوهيّة ، وتلك الحالة توجب له احوالا أربعة : وهى القادريّة والعالميّة والحييّة والموجوديّة. والحال عندهم صفة لموجود ولا توصف بالوجود ولا بالعدم. والبارى تعالى قادر باعتبار تلك القادريّة او عالم باعتبار تلك العالميّة ، الى غير ذلك. وبطلان تلك الدعوى ضرورىّ ، لان الشّيء إمّا موجود أو معدوم ، اذ لا واسطة بينهما. وقالت الحكماء والمحققون من المتكلّمين انه تعالى قادر لذاته ، وعالم لذاته ، الى غير ذلك من الصّفات. وما يتصوّر من الزّيادة من قولنا : ذات عالمة وقادرة فتلك أمور اعتباريّة زائدة فى الذّهن لا فى الخارج وهو الحقّ. وقولنا ، انّه لو كان قادرا بقدرة أو قادريّة ، او عالما بعلم او عالميّة ، إلى غير ذلك من الصّفات ، لزم افتقار الواجب فى صفاته إلى غيره ؛ لأنّ تلك المعانى والأحوال مغايرة لذاته قطعا ، وكلّ مفتقر إلى غيره ممكن ، فلو كانت صفاته زائدة على ذاته لكان ممكنا ، هذا خلف.
قال : السّابعة ، أنّه تعالى غنىّ ليس بمحتاج ، لأنّ وجوب