إِلَّا الظَّنَّ) ، (حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) ، (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) ، (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) ، (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) الى غير ذلك ، وكذلك آيات الوعد والوعيد والذّمّ والمدح وهى اكثر من ان تحصى.
قال : الثّالث ، فى استحالة القبح عليه تعالى ، لأنّ له صارفا عنه وهو العلم بالقبح ، ولا داعى له إليه ، لأنّه إمّا داعى الحاجة الممتنعة عليه ، أو الحكمة وهو منتف هنا ؛ ولأنّه لو جاز صدوره لامتنع إثبات النّبوّات.
اقول : يستحيل ان يكون البارى تعالى فاعلا للقبيح ، وهو مذهب المعتزلة ، وعند الأشاعرة ، هو فاعل الكلّ حسنا كان او قبيحا ، والدليل على ما قلناه وجهان : الأوّل ، ان الصّارف عنه موجود ، والدّاعى إليه معدوم ، وكلّما كان كذلك امتنع الفعل ضرورة. أمّا وجود الصّارف فهو القبح ، والله تعالى عالم به. وأمّا عدم الدّاعى فلانه إمّا داعى الحاجة إليه وهو عليه محال ، لانّه غير محتاج ، وإمّا داعى الحكمة الموجودة فيه وهو محال ، لان القبيح لا حكمه فيه. الثّاني ، انه لو جاز عليه القبيح ، امتنع اثبات النّبوّات ، واللّازم باطل اجماعا ، فالملزوم مثله. بيان الملازمة ، انه حينئذ لا يقبح منه تصديق الكاذب ومع ذلك لا يمكن الجزم بصحّة النّبوّة ، وهو ظاهر.
قال : فحينئذ يستحيل عليه إرادة القبيح ، لأنّها قبيحة.
اقول : ذهب الأشاعرة إلى انّه تعالى مريد بمجموع الكائنات حسنة كانت أو قبيحة ، شرّا كان او خيرا ، إيمانا كان أو كفرا ، لانّه موجد للكلّ ، فهو مريد له. وذهبت المعتزلة الى استحالة ارادته للقبيح او الكفر ، وهو الحقّ ، لأن إرادة القبيح ، أيضا قبيحة ، لأنّا نعلم ضرورة أنّ العقلاء كما يذمّون فاعل القبيح ، فكذا مريده ، والامر به.