الغرض قبيح عقلا. وبيان ذلك انّ المريد من غيره فعلا من الأفعال ، ويعلم المريد أنّ المراد منه لا يفعل الفعل المطلوب إلّا مع فعل يفعله المريد مع المراد منه من نوع ملاطفة أو مكاتبة أو إرسال إليه أو السّعى إليه وأمثال ذلك من غير مشقّة عليه فى ذلك ، فلو لم يفعل ذلك مع تصميم إرادته لعدّه العقلاء ناقضا لغرضه وذمّوه على ذلك. وكذلك القول فى حقّ البارى تعالى مع إرادة إيقاع الطّاعة وارتفاع المعصية ، لو لم يفعل ما يتوقّفان عليه لكان ناقضا لغرضه ، ونقض الغرض قبيح ، تعالى الله عن ذلك.
قال : السّادس ، فى أنّه تعالى يجب عليه فعل عوض الآلام الصّادرة عنه ، ومعنى العوض هو النّفع المستحقّ الخالى من التّعظيم والإجلال وإلّا لكان ظالما ، تعالى الله عن ذلك. ويجب زيادته على الألم وإلّا لكان عبثا.
اقول : الا لم الحاصل للحيوان إمّا أن يعلم فيه وجه من وجوه القبح فذلك يصدر عنّا خاصّة ، أو لا يعلم فيه ذلك فيكون حسنا. وقد ذكر لحسن الألم وجوه : الأوّل ، كونه مستحقّا. الثّاني ، كونه مشتملا على النّفع الزّائد العائد الى المتالّم. الثّالث ، كونه مشتملا على وجه دفع الضّرر الزّائد عليه. الرّابع ، كونه بما جرت به العادة. الخامس ، كونه مشتملا على وجه الدّفع. وذلك الحسن قد يكون صادرا عنه تعالى وقد يكون صادرا عنّا ، فأمّا ما كان صادرا عنه تعالى على وجه النّفع فيجب فيه أمران : احدهما ، العوض عنه وإلّا لكان ظالما ، تعالى الله عنه. ويجب أن يكون زائدا على الألم إلى حدّ الرّضا عند كلّ عاقل ، لأنّه يقبح فى الشّاهد إيلام شخص لتعويضه عوض ألمه من غير زيادة لاشتماله على العبثيّة. وثانيهما اشتماله على اللّطف إمّا للمتألّم او لغيره ليخرج من العبث. وأمّا ما كان صادرا عنّا مما فيه وجه من وجوه القبح ، فيجب على الله الانتصاف للمتألّم من المولم لعدله ، ولدلالة السّمع عليه ، ويكون العوض هنا مساويا للألم ، والّا لكان ظالما.