الزّيادة والنّقصان. وقوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
اقول : لما ثبت وجوب الإمامة شرع فى تبيين الصّفات التى هى شرط فى صحّة الإمامة. فمنها العصمة وقد عرفت معناها ، واختلف فى اشتراطها فى الإمام. فاشترطها اصحابنا الاثنى عشرية والاسماعيليّة خلافا لباقى الفرق. واستدلّ المصنّف على مذهب اصحابنا بوجوه : الأوّل ، انّه لو لم يكن الإمام معصوما ، لزم عدم تناهى الأئمّة ، واللّازم باطل ، فالملزوم مثله. بيان الملازمة أنا قد بينا انّ العلة المحوجة إلى الإمام هى ردع الظّالم عن ظلمه ، والانتصاف للمظلوم منه ، وحمل الرّعية على ما فيه مصالحهم وردعهم عما فيه مفاسدهم. فلو كان هو غير معصوم ، افتقر إلى إمام آخر يردعه عن خطائه ، وينقل الكلام الى الآخر ، ويلزم عدم تناهى الأئمّة وهو باطل. الثّاني ، لو لم يكن معصوما لجازت المعصية عليه ، ولنفرض وقوعها وحينئذ يلزم إمّا انتفاء فائدة نصبه أو سقوط الامر بالمعروف والنّهى عن المنكر ، واللّازم بقسميه باطل ، فكذا الملزوم. وبيان للّزوم انّه إذا وقعت المعصية عنه ، فإمّا أن يجب الإنكار عليه أولا ، فمن الأوّل يلزم سقوط محلّه من القلوب ، وأن يكون مأمورا بعد ان كان آمرا ، أو منهيّا عنه بعد ان كان ناهيا ، وحينئذ تنتفى الفائدة المطلوبة من نصبه ، وهى تعظيم محلّه فى القلوب والانقياد لأمره ونهيه. ومن الثّاني ، يلزم عدم وجوب الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر وهو باطل اجماعا. الثّالث ، انه حافظ للشّرع ، وكلّ من كان كذلك وجب أن يكون معصوما. اما الأوّل فلانّ الحافظ للشّرع إمّا الكتاب أو السنّة المتواترة او الإجماع أو البراءة الأصلية أو القياس أو خبر الواحد أو الاستصحاب. فكلّ واحد من هذه غير صالح للمحافظة. أمّا الكتاب والسّنة فلكونهما غير وافيين بكلّ الأحكام ، مع انّ لله تعالى فى كلّ واقعة حكما يجب تحصيله. وأمّا الإجماع فلوجهين : الأوّل ، تعذّره فى أكثر الوقائع مع انّ لله فيها حكما. الثّاني ، انه على تقدير عدم المعصوم لا يكون فى الإجماع حجّيّة ، فيكون الإجماع غير مفيد لجواز الخطاء على كل واحد منهم وكذا على الكلّ. ولجواز الخطاء على الكلّ اشار تعالى بقوله : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ