عَلى أَعْقابِكُمْ) وقال (ص) : ألا لا ترجعوا بعدى كفّارا فانّ هذا الخطاب لا يتوجّه إلّا الى من يجوز عليه الخطاء قطعا. اذ لا يقال للانسان : لا تطر إلى السّماء لعدم جواز ذلك عليه. وأمّا البراءة الاصليّة فلانه يلزم منه ارتفاع أكثر الأحكام الشّرعيّة إذ يقال الاصل براءة الذّمّة من وجوب أو حرمة. وأمّا الثلاثة الباقية فتشترك فى إفادتها الظّنّ ، و (الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) خصوصا والدّليل قائم فى منع القياس ، وذلك لان مبنى شرعنا على اختلاف المتّفقات كوجوب صوم آخر شهر رمضان وتحريمه أوّل شوّال ، واتّفاق المختلفات كوجوب الوضوء من البول والغائط ، واتّفاق القتل خطاء والظهار فى الكفّارة ، هذا مع أنّ الشّارع قطع يد سارق القليل دون غاصب الكثير ، وجلد بقذف الزنا وأوجب فيه أربع شهادات دون الكفر. وذلك كلّه ينافى القياس وقد قال رسول الله (ص) : تعمل هذه الأمّة برهة بالكتاب وبرهة بالسّنّة وبرهة بالقياس ، فإذا فعلوا ذلك فقد ضلّوا وأضلّوا فلم يبق ان يكون الحافظ للشّرع إلا الإمام وذلك هو المطلوب. وقد اشار البارى تعالى بقوله (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ). وأمّا الثّاني فلانه إذا كان حافظا للشّرع ولم يكن معصوما لما آمن فى الشّرع من الزّيادة والنّقصان والتّغيير والتبديل. والرّابع ، انّ غير المعصوم ظالم ولا شيء من الظالم بصالح للإمامة ، فلا شيء من غير المعصوم بصالح للامامة. أما الصغرى ، فلان الظالم واضع للشىء فى غير موضعه ، وغير المعصوم كذلك. واما الكبرى ، فلقوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) والمراد بالعهد عهد الامامة لدلالة الآية على ذلك.
قال : الثّالث ، الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه ، لأنّ العصمة من الأمور الباطنة الّتي لا يعلمها إلّا الله تعالى ، فلا بدّ من نصّ من يعلم عصمته عليه أو ظهور معجزة على يده تدلّ على صدقه.
اقول : هذه إشارة إلى طريق تعيين الإمام ، وقد حصل الإجماع على أن التّنصيص