واستثنى النّبوّة. ومن جملة منازل هارون من موسى انّه كان خليفة له لكنّه توفّى قبله ، وعليّ عاش بعد رسول الله فيكون خلافته ثابتة ، إذ لا موجب لزوالها.
الرّابع قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فالمراد بأولى الأمر إمّا من علمت عصمته أو لا ، والثّاني باطل لاستحالة أن يأمر الله بالطّاعة المطلقة لمن يجوز عليه الخطاء ، فتعين الأوّل ، فيكون هو عليّ ابن أبى طالب اذ لم تدّع العصمة الّا فيه وفى أولاده فيكونوا هم المقصودين ، وهو المطلوب. وهذا الاستدلال بعينه جار فى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
الخامس ، أنه ادّعى الامامة ، وظهر المعجزة على يده ، وكلّ من كان كذلك فهو صادق فى دعواه. أمّا انّه ادّعى الإمامة فظاهر فى كتب السّير والتواريخ حكاية اقواله وشكايته ومخاصمته ، حتى أنّه لما راى تخاذلهم عنه قعد فى بيته واشتغل بجمع كتاب ربّه ، وطلبوه للبيعة فامتنع فاضرموا فى بيته النّار وأخرجوه قهرا. ويكفيك فى الوقوف على شكايته فى هذا المعنى خطبته الموسومة بالشقشقية فى نهج البلاغة. وأمّا ظهور المعجزة فكثيرة ، منها قلع باب خيبر ، ومنها : مخاطبة الثّعبان على منبر الكوفة ، ومنها : رفع الصّخرة العظيمة عن فم القليب لما عجز العسكر قلعها ، ومنها ردّ الشّمس حتى عادت الى موضعها فى الفلك وغير ذلك مما لا يحصى. وأمّا انّ كلّ من كان كذلك فهو صادق ، فلما تقدّم فى النّبوة.
السّادس ، ان النبي (ص) امّا ان يكون قد نصّ على إمام أولا ، الثّاني باطل لوجهين : الأوّل ، انّ النّص على إمام واجب تكميلا للدّين وتعيينا لحافظه ، فلو أخلّ به رسول الله لزم اخلاله بالواجب. الثّاني ، انه لما كان شفقته ورأفته للمكلّفين ورعايته لمصالحهم بحيث علّمهم مواقع الاستنجاء والجنابة وغير ذلك ممّا لا نسبة له فى المصلحة الى الإمامة ، فيستحيل فى حكمته وعصمته أن لا يعين لهم من يرجعون إليه فى وقائعهم وسدّ عوراتهم ولمّ شعثهم ، فتعيّن الأوّل. ولم يدّع النّص لغير على وابى بكر اجماعا فبقى ان يكون المنصوص عليه إمّا عليا (ع) او أبا بكر ، الثّاني باطل ، فتعين الأوّل. وأمّا