بيان الشّرطيّة أنّ التّكليف مشقّة مستلزمة للتعويض عنها ، فانّ المشقّة من غير عوض ظلم ، وذلك العوض ليس بحاصل فى زمان التّكليف ، فلا بدّ حينئذ من دار أخرى يحصل فيها الجزاء على الأعمال ، وإلّا لكان التّكليف ظلما وهو قبيح ، تعالى الله عنه.
الثّالث ، أنّ حشر الأجسام ممكن ، والصّادق أخبر بوقوعه ، فيكون حقّا. وأمّا إمكانه فلانّ أجزاء الميّت قابلة للجمع ، وإفاضة الحياة عليها ، وإلّا لما اتّصف بها من قبل ، والله تعالى عالم بأجزاء كلّ شخص لما تقدّم من أنّه عالم بكلّ المعلومات ، وقادر على جمعها لأنّ ذلك ممكن. والله تعالى قادر على كلّ الممكنات ، فثبت أنّ إحياء الأجسام ممكن. وأمّا انّ الصّادق أخبر بوقوع ذلك ، فلانّه ثبت بالتواتر انّ النبىّ (ص) كان يثبت المعاد البدنىّ ويقول به فيكون حقّا وهو المطلوب.
الرابع ، دلالة القرآن على ثبوته والإنكار على جاحدة فيكون حقّا. أمّا الأوّل فالآيات الدّالة عليه كثيرة نحو قوله تعالى : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيم قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) وغير ذلك من الآيات.
قال : وكلّ من له عوض أو عليه يجب بعثه عفلا وغيره يجب إعادته سمعا.
اقول : الّذي يجب اعادته على قسمين : أحدهما ، يجب إعادته عقلا وسمعا ، وهو كلّ من له حقّ من ثواب أو عوض ليصل حقّه إليه ، وكلّ من عليه حقّ من عقاب أو عوض لاخذ الحقّ منه. وثانيهما من ليس له حقّ ولا عليه حقّ من باقى الأشخاص إنسانيّة كان أو غيرها من الحيوانات الإنسيّة والوحشيّة ، وذلك يجب إعادتها سمعا لدلالة القرآن والأخبار المتواترة عليه.
قال : ويجب الإقرار بكلّ ما جاء به النّبيّ (ص) فمن ذلك الصّراط والميزان وإنطاق الجوارح وتطاير الكتب لإمكانها ، وقد أخبر الصّادق بها فيجب الاعتراف بها.