مسلمين خوارج عن ربقة المؤمنين ودواخل فى نار جهنّم خالدين.
ولهذا قال : واستحقّ العقاب الدّائم.
وتفصيل الكلام فى المقام أنّهم اختلفوا فى أن الايمان عين الاسلام او غيره ، فعند بعضهم هو عينه وعند المحقّقين غيره واخصّ منه ، إذ الاسلام هو تصديق النّبي (ص) فيما علم مجيئه به ضرورة بالقلب واللّسان. والايمان هو هنا التصديق مع المعارف الخمس الأصولية بالدّليل وهو المختار عند المصنّف.
أمّا القول بأنّ من لم يحصل له المعارف الأصولية بالدليل مخلّد فى النّار ومستحقّ للعقاب الدّائم فلظواهر النّصوص الدالّة على ذلك ، مثل حديث : ستفرق أمّتى على ثلاثة وسبعين فرقه كلّهم فى النّار إلّا واحدة وحديث : مثل أهل بيتى كمثل سفينة نوح كما هو المشهور.
أمّا القول بأنّه خارج عن الايمان فلاتّفاق الفرقة الناجية على انّ المؤمن بالمعنى الأخصّ لا يكون مخلّدا فى النّار ، ولا يخفى ان هذه الادلّة ظنّيّات لا تفيد اليقين بالمطلوب.
واستدلّ بعض الشّارحين على المدّعى الثّاني بأنّ الايمان هو التّصديق القلبى واللّسانى بكلّ ما جاء به النّبيّ وعلم مجيئه به بطريق تواترىّ ، والجاهل بالأصول الخمس ليس مصدّقا بذلك ، وعلى الأوّل بانّ استحقاق الثّواب موقوف على الايمان ، وقد ثبت انّه غير مؤمن فلا يكون مستحقّا للثّواب ، وكلّ من لا يستحقّ الثّواب يستحقّ العقاب الدائم ، ضرورة أنّ المكلف لا يخلوا عن أحد الاستحقاقين قطعا.
وفى كلا الدّليلين نظر :
أمّا فى الأوّل فلانّ ثبوت التّواتر فى جميع الأصول الخمس ممنوع.
وأمّا فى الثّاني فلانّا وإن سلّمنا انّ الجاهل بتلك الأصول ليس مؤمنا وانّ استحقاق الثّواب موقوف على الايمان ، لكن لا نسلّم انّ المكلّف لا يخلوا عن أحد الاستحقاقين دائما بل لا يخلو عن أحدهما فى الجملة ، وحينئذ لا يلزم من انتفاء استحقاق الثّواب استحقاق العقاب الدّائم بل استحقاقه فى الجملة على ما لا يخفى.