فتفتقر الى المؤثّر ، فمؤثّرها إمّا نفسها أو جزئها أو الخارج عنها ، والاقسام كلّها باطلة قطعا. أمّا الأوّل فلاستحالة تاثير الشّيء فى نفسه ، والّا لزم تقدّمه على نفسه ، وهو باطل كما تقدّم. وأمّا الثانى فلأنه لو كان المؤثّر فيها جزئها ، لزم ان يكون الشّيء مؤثّرا فى نفسه ، لانه من جملتها وفى علّته أيضا ، فيلزم تقدّمه على نفسه وعلله ، وهو أيضا باطل. وأمّا الثّالث فلوجهين : الاوّل ، أنه يلزم ان يكون الخارج عنها واجبا ، اذ الفرض اجتماع جملة الممكنات فى تلك السّلسلة ، فلا تكون موجودا خارجا عنها الّا الواجب إذ لا واسطة بين الواجب والممكن ، فيلزم مطلوبنا. الثانى ، انه لو كان المؤثّر فى كلّ واحد واحد من آحاد تلك السّلسلة أمرا خارجا عنها ، لزم اجتماع علّتين مستقلّتين على معلول واحد شخصى ؛ وذلك باطل ، لانّ الفرض ان كلّ واحد من آحاد تلك السّلسلة مؤثّر فى لاحقه ، وقد فرض تاثير الخارج فى كلّ واحد منها ، فيلزم اجتماع علّتين على على معلول واحد شخصى وهو محال ، والّا لزم استغنائه عنهما حال احتياجه إليهما ، فيجتمع النقيضان وهو محال ، فبطل التّسلسل المطلوب ، وقد بان بطلان الدّور والتّسلسل فيلزم مطلوبنا ، وهو وجود الواجب تعالى.
قال : الفصل الثّاني فى صفاته الثّبوتية وهى ثمانية :
الأولى ، أنّه تعالى قادر مختار لأنّ العالم محدث لانّه جسم ، وكلّ جسم لا ينفكّ عن الحوادث ، أعنى الحركة والسّكون ، وهما حادثان لاستدعائهما المسبوقيّة بالغير ، وما لا ينفكّ عن الحوادث فهو محدث بالضّرورة ، فيكون المؤثّر فيه ، وهو الله تعالى قادرا مختارا ، لأنّه لو كان موجبا ، لم يتخلّف أثره عنه بالضّرورة ، فيلزم من ذلك إمّا قدم العالم أو حدوث الله تعالى ، وهما باطلان.