للسكن وإقامة الصلاة فيها وكان الباشا يدفع ثمن استئجارها وقد جعلوا إحدى غرف الدار معبدا وفتحوه للمصلين وكان رئيس الدير مقلدا وظيفة نيابة أسقفية «غوا» ومعه راهب آخر لا غير وكان بين الديرين منافسة شديدة على الحقوق والرئاسة! ...
كان الباشا يحسن معاملة البرتغاليين وسائر الإفرنج نظرا للمساعدات الجمة التي تلقاها منهم في الحرب ضد الفرس (١) فخصص راتبا شهريا أو مساعدة للكنيستين دامت حتى وقت زيارتي للبصرة ، كما كان يدفع المبالغ للمراكب الخمسة المستأجرة من البرتغاليين.
في اليوم الحادي عشر من آذار ١٦٢٥ م وصلنا قبيل منتصف الليل بقليل إلى موضع التقاء النهر الداخلي بشط العرب فعند مدخله يسارا تقوم قلعة معتدلة البناء يقابلها مسجد وبالرغم من الليل البهيم فقد طلبنا الدخول في النهر الداخلي (أي الخندق) والتوغل في المدينة لكن تيار الماء القوي صدنا ودفعنا إلى جهة المسجد هناك رأينا قائد الأسطول البرتغالي العامل في البصرة مع سفنه الخمس وله ثلاث سفن أخرى في النهر الكبير (أي شط العرب) وكان الباشا معهم إذ كانوا يتوقعون هجوم الفرس.
في صباح اليوم التالي زارني في المركب الأب باسيل الكرملي (٢) يرافقه راهب فرنسيسكاني إيطالي اسمه بولس كنت قد تعرفت عليه في «غوا» وكان آنذاك في البصرة في طريق عودته إلى وطنه.
فلما زادت المياه بتأثير مد البحر طفا مركبنا فدخلنا المدينة ولم تستعمل المجاذيف كما يصنع البعض بل كانوا يجرون المركب بالحبال وكان كوثل
__________________
(١) ذكر لونكريك أن الوالي كان متساهلا مع الأقليات النصرانية (أربعة قرون : ص ١٣٩) ويؤيد ذلك الرحالة سبستياني وهو معاصر للأحداث ، انظر رحلته التي صدرت عن ـ الدار العربية للموسوعات ـ بيروت.
(٢) الأب باسيل الكرملي (١٥٩٦ ـ ١٦٥٤) برتغالي الأصل ، قدم إلى البصرة سنة ١٦٢٣ وأسس فيها مبعثا للرهبنة وكنيسة. استضاف صاحب الرحلة الإيطالي.