البرتغاليين في البصرة لأقدم له رسالة التوصية التي أخذتها من نائب ملك غوا ، ومن بعض الأصدقاء فأحسن استقبالي وقدم نفسه لمساعدتي وأوقفني على أخبار هامة تخص البصرة وبلاد فارس وعن الحويزة.
إن منصور أخا مبارك المتوفى بعد أن أقامه الشاه عباس أميرا على الحويزة قبل أعوام ورسخت قدمه فيها لم يعد يظهر تعلقا بشاه الفرس مع انه أحسن إليه ، لأنه يصعب على العرب أن يكونوا محكومين وخاضعين للغير وهم يؤثرون حريتهم على كل شيء آخر ولأجل توطيد هذه الأمنية كان يراسل باشا البصرة التابع للسلطان التركي وعدو الفرس في الوقت نفسه. وكان سيد البصرة آنذاك أفراسياب باشا (١) وهو من أهل البصرة كان في أول أمره آغا سكماني للمدينة (٢) ثم اغتصب الباشوية بالقوة وكان يطمح في توطيدها في أسرته ، وبالرغم من اعتباره متمردا في نظر الحكومة التركية فإنها تحملته وجاملته وكانت تساعده لأنه كان قديرا في تدبير المدينة وسياستها. من جهة ثانية بالرغم من أنه كاد يكون مستقلا عنها إلا أنه كان يعترف بها ظاهريا ، ولكي لا تفقد أخيرا خضوعه الاسمي لئلا يرفع راية العصيان ، ولم يكن من السهل معاقبته أو عمل شيء لتبديل الأمور في البصرة فهي منطقة نائية عن اسطنبول قريبة من الأعداء ، أخيرا كانت كلمته مسموعة في المدينة.
فلما وقفت حكومة الفرس على علاقات منصور بالبصرة ـ خلافا لما كان أمراء الحويزة الذين كانوا يعادونهم ويشنون الغارات عليها كما انه لم يظهر الاحترام والتعلق بالشاه كما كان يطمح ـ فحين استعد الشاه للحرب في حملته على بغداد دعاه للاشتراك بها مع قبيلته وأمر «امام قلي» خان شيراز أن يمر بالحويزة في مسيرته نحو جبهة القتال ليحث منصور بكل الطرق على المجيء فما كان من الخان إلا تنفيذ أوامر سيده. فلما اقترب من الحويزة توقف بضعة أيام بانتظار منصور كي يلتحق به حاثا إياه على السير بركابه وكان
__________________
(١) الكعبي : زاد المسافر ولهنة المقيم والحاضر ، بغداد ـ ١٩٥٨ ، ص ١٧ وما بعدها.
(٢) قال الكعبي إنه كان كاتبا للجند (المرجع نفسه).