منصور يجاوبه بأنه لا يزال يكمل الاستعدادات الضرورية إلى أن فقد الخان صبره فذهب إلى الحرب دون أن يرافقه منصور ووصل إلى بغداد متأخرا بعد أن كان الشاه قد استولى عليها. أما منصور فلم يتحرك من مكانه على الإطلاق فاستفسر الشاه عن سبب تأخر خان شيراز كل هذه الفترة فأجابه أنه انتظر منصور ليرافقه عملا بالأوامر الملكية لكنه رفض المجيء فلما عاد الشاه إلى أصفهان دعا منصور أكثر من مرة إلى بلاطه فكان يماطل ولم يذهب أبدا فاستشاط الشاه غضبا وكتب إليه يأمره بالمجيء حالا ويهدده بأنه سيرسل من يقطع رأسه إن امتنع عن المجيء فأجابه منصور قائلا : ان أراد الشاه قطع رأسي فليتفضل بنفسه لأنه مستعد للدفاع جيدا عن رأسه بالسيف!.
وهكذا رفض الذهاب إلى فارس لا بل أضاف : إن كان الشاه ملكا على فارس فهو ملك الحويزة ولا يعترف به أبدا.
فدعا الشاه حاكم شيراز «امام قلي خان» وأمره بالتوجه إلى الحويزة على رأس قوة كبيرة مصطحبا محمد بن مبارك الذي كان في فارس وترعرع في حماية الشاه وعليه ان يخلع منصورا ويقتله وينصب محمدا مكانه (١).
ففي الأيام القليلة السابقة لوصولنا إلى البصرة كان «إمام قلي» قد وصل إلى الحويزة مع محمد ، وعلم منصور أن قسما من أكابر قومه ومن عامة شعبه كانوا مع الشاه لتشيعهم وأظهروا استعدادهم لقبول محمد ، فخوفا من وقوعه بيدهم وتوقعه للمصير المحتوم خرج مع خمسمائة من أخلص اتباعه والتجأ إلى منطقة البصرة حيث استقبلهم الوالي علي باشا بن افراسياب الذي تولى أمر المدينة بعد وفاة أبيه (٢).
إن هذا الرجل (أي علي) اغتصب بدوره الرئاسة واستعد لها قبيل موت
__________________
(١) انظر الملحق رقم (٢) ففيه جملة أخبار عن الحويزة ومواليها.
(٢) حكم البصرة في نهاية حياة أبيه ودام في الحكم طويلا. قال الكعبي عنه : «أنشأ العدل وقطع الظلم وحسنت سيرته ورفع العلم وأهله ... وكانت أيامه شبيهة بأيام هارون الرشيد». زاد المسافر : ص ١٨ ـ ١٩.