«كتاب يومياتي» تفاصيل مشاهداتي بكل دقة.
استأنفنا سفرنا في الليلة التالية بعد بزوغ القمر سائرين مع مجرى النهر عادة إلا عند ما كان النهر يبتعد بتعرجاته فكنا نقطع الطريق مباشرة.
يوم الأحد لم نشاهد شيئا يستحق الذكر ، اللهم امرأة سوداء اللون قالت إنها من أسرة ابن الأمير وتدعى صبحة ... وقد أتت من جهة النهر الثانية.
وجدير بالذكر هنا أن كل مرة كنا نحط راحلتنا عند الماء كانت تتقاطر علينا جماعات من البدو رجالا ونساء يعبرون النهر من الجهة الثانية أو من الجزر العديدة المأهولة المنتشرة في النهر ، ويأتون سباحة على زقاق (الجراب) ينفخونها ولا يربطونها بل يلقونها تحت صدورهم ويعبرون النهر على هذه الطريقة بكل مهارة حتى ضد مجرى الماء. فمنهم من يأتي لإلقاء نظرة فقط ، ومنهم من يأتي ليبيع السلع على المسافرين. إنه والحق يقال منظر جميل للغاية ، وقد أعجبت بمهاراتهم في السباحة ومجابهتهم تيار الماء.
يلبس الأعراب عادة قميصا بسيطا ملونا .. ويرتدون أحيانا فوق قمصانهم هذه رداء فوقانيا من صوف خشن مفتوحا من الأمام ولا أكمام له ويسميه الأعراب عباءة ، وهم يلبسون هذه العباءة وخاصة أولئك الذين يريدون أن يظهروا بمظهر الأناقة بإلقائها على الأكتاف على هيئة الفيرايولو (١) ومنهم من يخلع ألبسته عند عبوره النهر ويجعلها كصرة يلقيها فوق رأسه كي لا تبتل فيعبر النهر عاريا ثم يلبسها ناشفة ، ومنهم من لا يهتم كثيرا فيعبر النهر دون خلعها.
يوم الإثنين رأينا عند ضفة النهر مساحات من الأرض مزروعة بالدخن في الأكثر لأن الأعراب يفضلونه على الشعير والحنطة. وفي المساء شاع في
__________________
(١) كساء يستعمل في نابولي يشبه الفرجيه. دوزي : المعجم المفصل بأسماء الملابس عند العرب ، ترجمة د. اكرم فاضل ، ص ٢٤٢ ، ٢٦٥.