وكانوا كلما أكثروا من الوشم علت منزلتهم بين مواطنيهم وهكذا الحال في الشرق ، وخاصة بين العرب.
لقد ذكرت زي البدويات ولم أصفه. إنهن يلبسن جلبابا من التيل لونه أزرق غامق يصل إلى أقدامهن ، وهو فضفاض جدا. له أكمام عريضة للغاية بحيث إنهن عندما يرضعن أطفالهن لا يفتحن شق الصدر بل يخرجن الثدي من الكم العريض. ويلبسن عباءة في موسم البرد وقد ذكرتها سابقا ، وهي ليست جميلة ولا عريضة كعباءات الرجال لكنها خشنة القماش وضيقة ويضعن في الرأس لفائف من قماش أسود اللون ويحطن وجوههن بنسيج أبيض أو أزرق غامق أحيانا. من الصعب شرح ذلك كله بالكلام. على كل سترى يا سيدي بعض الرسوم عند عودتي.
رأيت مواشي القوم بين الخيام ؛ الماعز بكثرة ، الأغنام والأبقار وهي قليلة وقد لا حظت بعض الخيام المعزولة وأعتقد أنها مخصصة للمواشي كما رأيت عددا من الجياد لأكابر القوم. وهناك عدد من الكلاب بعضها للحراسة وأخرى للقنص.
وهم يستعملون المجارش لصنع دقيق الحنطة ، وخبزهم عادة يصنع من عجينة تحت الرماد (كذا!) ولهم مواد غذائية أخرى كاللحوم والبقول والأرز والأثمار الجافة ومنها التمور وغيرها. ويتوفر عندهم الحليب وهم يفضلون استعماله بعد تخميره أو تحميضه كعادة الأتراك. لكني لم أستسغه حتى الآن ، ومنهم من يمتلكون البعران فيشربون حليب النوق ويلتذون به.
ويعيشون على شكل مجموعات عشائرية تربطهم صلة الرحم والصداقة ، وينتخبون من بينهم رئيسا يعتبرونه شيخ العشيرة ، ولا تشير التسمية ـ كما تعرف سيادتكم ـ إلى تقدم الرجل في السن ، بل إلى علو مقامه فقد يكون شيخ العشيرة شابّا. وهم يقدمون الولاء والطاعة للشيخ الذي يدير شؤون العشيرة بفطنته ولا يدينون بالولاء لغيره.
وهم يستمتعون بحرية رائعة رغم حياتهم الفقيرة وفيهم رجال مسالمون يهتمون بمواشيهم ويدفعون للسلطة ما تفرضه عليهم ويعيشون في مناطقهم وفي