جهودها أن تكسب لها موضع قدم في الباب العالي والمدن المهمة التابعة لها بواسطة الاتفاقيات والتسهيلات الخاصة وغير ذلك.
صاحب الرحلة
في هذه الحقبة ولد بيترو ديللافاليه Pietro della valle في ١١ نيسان سنة ١٥٧٦ م من أبوين شريفين هما بومبيو ديللافاليه وجيوفانا البيريني ، من أسرة رومانية عريقة ، لا تزال تحتفظ إلى اليوم في قلب روما بشارع يحمل اسمها وكنيسة فخمة شيدها أحد أفرادها.
وقد شغف منذ نعومة أظفاره على اكتساب العلوم المختلفة ، واستهوته الموسيقى ، ومارس التمثيل المسرحي ، وأتقن فنون الفروسية كما تتطلبها حالته الأرستقراطية.
وعند ما شب عن الطوق أحب فتاة من طبقته ، لكنها لم تبادله الحب ، فأصيب بخيبة أمل هزت كيانه وجرحت كرامته ، فقرر الهرب من المجتمع المخملي الزائف ، والابتعاد عن وطنه والتنقل في بلاد الله الواسعة ، ليعبر عن سخطه على الحياة وتبرمه بمحيطه الزائف ، مقتديا بمغامرات الأقدمين الذين طعنوا في عواطفهم ؛ فارتحل أولا إلى نابولي ، واجتمع هناك بصديقه الأديب والشاعر ماريو سكيبانوMario Schipano أستاذ الطب في جامعة نابولي ، وعرض عليه حالته النفسية ورغبته بالسفر ، فشجعه في الحال ، واقترح عليه أن يجعل لسفره غاية أدبية وهدفا علميا ، فيكتب مشاهداته ويسجل انطباعاته عن الأماكن التي يمر بها والشعوب التي يختلط بها ، وطلب منه أن يرسل إليه ما يكتبه بصورة «رسائل» ووعده بأنه سيجمع المعلومات الواردة في تلك الرسائل وينقحها ويصوغها في كتاب يخلد اسمه.
أمضى ديللافاليه خمسة أعوام في نابولي وهو يستعد للرحيل وقد أغنته الأعوام بالمعارف الإنسانية ، وفتحت له آفاقا جديدة باتجاه الشرق ؛ وخلال تلك الفترة تجول في جنوب إيطاليا ورحل إلى جزيرة صقلية ، واشترك بحملات قصيرة ضد قراصنة البحر ليمارس الفنون العسكرية التي اكتسبها سابقا.