أدى عرضا (١) رجع بأقل الأمرين من قيمته ومن الحق ، سواء رضي المضمون له به عن الحق من غير عقد ، أو بصلح.
(ويشترط فيه) أي في الضامن (الملاءة) (٢) بأن يكون مالكا لما يوفي به الحق المضمون ، فاضلا عن المستثنيات في وفاء الدين ، (أو علم المستحق بإعساره) حين الضمان ، فلو لم يعلم به حتى ضمن تخير المضمون له في الفسخ. وإنما تعتبر الملاءة في الابتداء ، لا الاستدامة ، فلو تجدد إعساره بعد الضمان لم يكن له
______________________________________________________
أن يرجع بجميع ما دفع لصدق الأداء ، والهبة فيما بعد لا مدخلية لها في صدق الأوامر وعدمه.
(١) لو أدى الضامن عرضا من متاع وغيره في مقام الأداء أيضا يرجع بأقل الأمرين من قيمة العرض ومن الدين ، بلا فرق بين أن يكون قد رضي المضمون له بالعرض عن دينه بغير عقد ، وبين أن يصالحه الضامن بالعرض عن دينه ، فلو كان الثوب يساوي مائة ، وقد صالحه به على الدين المساوي لمائتين لم يرجع إلا بقيمة الثوب.
(٢) يشترط في الضامن الملاءة وهو شرط في لزوم الضمان ، لأن الضمان عقد لازم بين المضمون له والضامن ، أما الضامن فلا يجوز له الفسخ لعموم الوفاء بالعقود ، ولأن فيه تضييع حق المضمون له ، لأنه إذا فسخ لا يمكن للمضمون له الرجوع عليه للفسخ ولا على المضمون عنه لانتقال الحق من ذمته بالضمان إلى ذمة الضامن.
وأما المضمون له فلا يجوز له الفسخ كذلك لعموم الوفاء بالعقود ، ولأن الحق قد انتقل من ذمة المضمون منه إلى ذمة الضامن فكيف يجوز للمضمون له الفسخ والرجوع على المضمون عنه وقد برئت ذمته من الحق.
إذا تقرر ذلك فإن كان الضامن مليّا وقت الضمان أو علم المضمون له بإعساره ورضي به لزم الضمان على المضمون له بلا خلاف فيه لما تقدم من الأدلة على اللزوم ، وأما لو كان الضامن معسرا وقت الضمان ولم يعلم بذلك المضمون له كان للمضمون له فسخ الضمان والعود على المضمون عنه لأن الضمان عقد مبني على تسهيل الأمر والقصد منه استيفاء الدين من الضامن ، وإنما يكون الاستيفاء إذا كان الضامن موسرا ، ولما كانت طبيعة الضمان ما ذكرناه وأقدم المضمون له على الرضا به بما له من المعنى المذكور فيكون إيسار الضامن شرطا ضمنيا في العقد ، وعليه فإذا تبين فيما بعد أن الشرط المذكور لم يكن متحققا ثبت له خيار الفسخ.
هذا واشتراط اليسار ابتدائي وليس استدامة ، لأن الشرط الضمني معتبر وقت الضمان فقط وقد تحقق بحسب الفرض.