لأنا (١) إن جعلناها استيفاء كان المحتال بمنزلة من استوفى دينه وأقرضه المحال عليه وحقه (٢) الدراهم ، لا الدنانير (٣) ، وإن كانت معاوضة فليست (٤) على حقيقة المعاوضات التي يقصد بها تحصيل ما ليس بحاصل (٥) من جنس مال ، أو زيادة قدر ، أو صفة ، وإنما هي معاوضة ارفاق ، ومسامحة للحاجة ، فاعتبر فيها (٦) التجانس والتساوي (٧) ، وجوابه يظهر مما ذكرناه (٨).
(وكذا) تصح (الحوالة (٩)
______________________________________________________
(١) من تتمة استدلال الشيخ ، وحاصله أن الحوالة لا تخلو من أحد الأمرين وكلاهما باطل.
(٢) أي حق المحال.
(٣) فكيف تتحول دراهم المحال إلى الدنانير ، مع أن الثابت في ذمة المحال عليه دنانير فقط.
(٤) أي الحوالة.
(٥) المعاوضة بين جنسين مبنية على أن كل طرف يريد تحصيل ما ليس بحاصل عنده ، ولذا يبدّل ما عنده بما عند الآخر ، وتحصيل ما ليس عنده إنما يكون لتحصيل جنس المال أو زيادة قدره أو صفة غير موجودة في ماله.
(٦) في الحوالة.
(٧) في القدر والصفة.
(٨) بناء على اشتراط رضا المحال ، فمع رضاه يجوز دفع مثل ما عليه ، ومع عدم الرضا تصح بناء على صحة الحوالة على البريء.
(٩) تحرير المسألة متوقف على مقدمة ، وهي أن الضمان عندنا ناقل للمحال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن كما تقدم ، وليس الضمان ضاما ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه كما عليه مخالفونا هذا من جهة ومن جهة أخرى لو كان لشخص على اثنين دين بمقدار ألف درهم مثلا ، فعلى كل واحد خمسمائة ، فإذا ضمن كل واحد منهما صاحبه فإما أن يقترنا وإما أن يتلاحقا ، وعلى الأول ينتقل ما في ذمة كل واحد منها إلى الآخر ويبقى الأمر على ما هو عليه من ثبوت خمسمائة في ذمة كل واحد منهما ، وعلى الثاني يجتمع الدين بتمامه في ذمة الأخير ، لأن نصفه ثابت في ذمة الآخر بالدين والنصف الآخر قد ثبت بالضمان ، وبعد ثبوت الجميع في ذمة الآخر ينتقل الجميع إلى ذمة الضامن الثاني لتأخر ضمانه إذا تقرر ذلك فلو أحال صاحب الألف ثالثا عليهما بالألف في صورة ضمانهما مقترنين ، فالمحال يأخذ من كل واحد منهما خمسمائة لعدم تأثير الضمان من هذه الحيثية كما تقدم.
ومنع الشيخ في المبسوط هذه الحوالة ، لأن فيها زيادة ارتفاق ، حيث إن المحال مخيّر