شروطهم ، وأصالة الإباحة ، وبناء الشركة على الإرفاق ، ومنه موضع النزاع.
(وليس لأحد الشركاء التصرف) في المال المشترك (إلا بإذن الجميع) (١) لقبح التصرف في مال الغير بغير إذنه عقلا وشرعا ، (ويقتصر من التصرف على المأذون) (٢) على تقدير حصول الإذن (فإن تعدى) المأذون (ضمن) (٣).
واعلم أن الشركة كما تطلق على اجتماع حقوق الملّاك في المال الواحد على أحد الوجوه السابقة (٤) ، كذلك تطلق على العقد المثمر جواز تصرف الملّاك في المال المشترك ، وبهذا المعنى (٥) اندرجت الشركة في قسم العقود ، وقبلت الحكم بالصحة والفساد ، لا بالمعنى الأول. والمصنف رحمهالله أشار إلى المعنى الأول بما افتتح به من الأقسام ، وإلى الثاني بالإذن المبحوث عنه هنا (٦) ، (ولكل) من الشركاء
______________________________________________________
(١) بما أن الشركة على معنيين ، فالأول هو اجتماع حق الملّاك في الواحد على سبيل الشياع بسبب الارث أو العقد أو الحيازة أو المزج ، وهذه الشركة لو تمت فلا يجوز لأحد الشريكين التصرف في المال المشترك إلا مع إذن بقية الشركاء ، لحرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه ، ومجرد اشتراك المال لا يدل على الاذن ، سواء كان الاشتراك باختيار الشركاء أم لا ، لأن الاذن بالتصرف أمر زائد على مفهوم الشركة بهذا المعنى.
والمعنى الثاني للشركة هو عقد ثمرته جواز التصرف في المال المشترك لتحصيل الربح على أن يكون الربح لهما والخسران عليهما بنسبة المال ، والشركة بهذا المعنى تدل على الاذن بالفحوى ، لأن العقد هنا لا بد أن يدل على عملهما بالمال المشترك ، ودلالته على العمل دلالة على إذن كل منهما بالتصرف للآخر.
(٢) فإن أطلق الاذن تصرف كيف شاء من وجوه التجارة والاسترباح ، مرابحة ومساومة وتولية ، وإن قيّد الاذن تصرف على مقدار خصوص الاذن كما هو واضح.
(٣) لقاعدة اليد (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) ، لأنه متصرف في مال الغير بغير إذنه ، وهو مما لا إشكال فيه.
(٤) من المزج والحيازة والعقد والارث.
(٥) أي الثاني.
(٦) وفيه : إن المصنف قد أشار إلى القسم الثاني عند تعرضه لشركة العنان ، بل هو بيان لتمام القسم الثاني من الشركة حينئذ ، وأما الاذن المبحوث عنه هنا فهو إشارة إلى المعنى الأول ، لأن المعنى الثاني مما يجوز للشريك التصرف في المشترك لتحقق الاذن ، فنفي التصرف للشريك إلا بعد إحراز الاذن كما هو عبارة الماتن هنا إنما يجري في المعنى الأول كما هو واضح.