قصّر في الحفظ عادة (فلو أخذت منه قهرا فلا ضمان (١) إن لم يكن سببا في الأخذ القهري بأن سعى بها إلى الظالم ، أو أظهرها فوصل إليه خبرها (٢) مع مظنته (٣) ، ومثله ما لو أخبر بها اللصّ فسرقها.
ولا فرق بين أخذ القاهر لها بيده ، وأمره له (٤) بدفعها إليه كرها ، لانتفاء التفريط فيهما فينحصر الرجوع على الظالم فيهما على الأقوى.
وقيل : يجوز له الرجوع على المستودع في الثاني ، وإن استقر الضمان على الظالم (٥).
______________________________________________________
وعلى هذا فالضابط في ترك الحفظ بالتعدي أو التفريط يرجع فيه إلى العرف ، وإن حصر التقصير بعضهم في ستة وهي : الانتفاع بها والإيداع والتقصير في دفع المهلكات ، والمخالفة في كيفية الحفظ ، والتضييع بأن يلقيها في مضيعة ، والجحود.
(١) فلا ضمان على الودعي لعدم صدق التقصير عند الأخذ القهري ، نعم هذا مشروط بعدم كون الودعي سببا في الأخذ القهري ، كما لو كان هو الساعي بها إلى الظالم ولم يقدر بعد ذلك على دفعه ، فإنه يضمن لأنه فرّط في الحفظ ، ومثله ما لو أخبر اللص فسرقها.
(٢) أي وصل إلى الظالم خبر الوديعة.
(٣) أي مظنّة وصول الخبر وأخذ الظالم لها ، فلو ظن الودعي ذلك وأظهرها فإنه ضامن لأنه فرّط في الحفظ.
(٤) أي وأمر الظالم للودعي بدفع الوديعة إليه كرها ، فلا فرق بين الصورتين في عدم ضمان الودعي لأنه غير مقصّر ، على المشهور بين الأصحاب ، وعن أبي الصلاح وأبي المكارم والعلّامة في التذكرة جواز رجوع المالك مخيّرا على الظالم والودعي إذا سلم الودعي الوديعة للظالم قهرا دون ما لو أخذها الظالم فالمالك يرجع عليه خاصة.
ووجه التخيير أن المالك مما يجوز له الرجوع على الظالم لعموم (على اليد) ، ولهذا العموم يجوز له الرجوع على الودعي لأنه باشر التسليم فكانت الوديعة تحت يده ، وفيه : إنه لا سبيل على المحسن لقوله تعالى : (مٰا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) (١) ، والودعي محسن ولم يفرط في الحفظ بحسب الفرض.
(٥) بمعنى لو رجع المالك على الودعي لجاز للودعي أن يرجع على الظالم ، بخلاف ما لو رجع على الظالم فلا يجوز له أن يرجع على الودعي ، فالضمان بالأخير على الظالم.
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية : ٩٢.