والمعتبر في تعذر التوصل إلى المالك ومن بحكمه المشقة الكثيرة عرفا (١) ، وفي السفر (٢) العرفي أيضا ، فما قصر عنه (٣) كالتردد إلى حدود البلد وقرى لا يطلق على الذهاب إليها السفر يجوز فيه (٤) مصاحبتها مع أمن الطريق (٥) ، ولا يجوز إيداعها في مثله (٦) مع إمكان استصحابها ، واستثني منه (٧) ما لو أودعه مسافرا ، أو كان المستودع منتجعا (٨) ، فإنه يسافر بها من غير ضمان ، لقدوم المالك عليه (٩).
(أو طرحها (١٠) في موضع تتعفن فيه) وإن كان حرزا لمثلها ، لما عرفت من
______________________________________________________
(١) قال الشارح في المسالك : (المعتبر في تعذر الوصول إلى المالك أو وكيله والحاكم المشقة الكثيرة ، وهو المعبر عنه بالتعذر عرفا لا لغة ، لما في إلزامه بتحمل ما يزيد على ذلك من الحرج والضرر المنفيين) انتهى.
(٢) وأما السفر المبحوث عنه في المقام هو العرفي لا الشرعي ، لأن إذن المالك له بالحفظ مقتصرا على حال الحضر في قبال السفر العرفي ، لا في قبال السفر الشرعي ، وعليه فيجوز له استصحابها في حدود البلد بحيث لا يصدق عليه أنه مسافر عرفا مع صدق أنه ما زال في الحضر.
(٣) عن السفر العرفي.
(٤) في هذا التردد.
(٥) لأنه مع الخوف فهو مفرّط في الحفظ لو استصحبها معه.
(٦) أي في مثل هذا الخروج الذي لا يسمى سفرا عرفيا ، وعليه فلا يجوز له إيداعها عند الحاكم أو العدل ، لأنه ليس مضطرا لرفع يده عن الوديعة.
(٧) أي واستثنى من السفر الموجب للضمان ما لو أودع المالك وديعته للودعي حال كون الودعي مسافرا ، ومع علم المالك بحاله فهو إذن منه إليه باستصحابها في هذا السفر.
(٨) قال في مصباح المنير : (انتجع القوم إذا ذهبوا لطلب الكلاء في مواضعه) ، فلو أودعها المالك من هو منتجع فيجوز للودعي السفر بها حينئذ من غير ضمان لقدوم المالك على ذلك حيث أودعه المال وهو على تلك الحال ، وليس على الودعي حينئذ ترك السفر لأجلها ، لوجود الاذن في السفر بها بدلالة القرينة الحالية.
(٩) أي على الإيداع حال سفر الودعي ، فهو إذن له بالسفر بها.
(١٠) عطف على (ما لو أهمل) فيضمن للتفريط ، والحاصل أنه لو طرحها في موضع عفن مدة بحيث تتعفن في هذه المدة كالأقمشة ، أو وضعها في مكان ندي مدة بحيث تفسد فيها كالكتب ، فيضمن في الصورتين للتفريط ، وقال في المسالك : والمرجع في ذلك كله إلى كون مثل ذلك المكان لا يصلح للوديعة عرفا بحسب المدة التي يضعها فيها) انتهى.