لبسه (١) ، أو فرش لضيفه فراشا (٢) ، أو ألقى إليه وسادة ، أو مخدّة (٣). واكتفى في التذكرة بحسن الظن بالصديق في جواز الانتفاع بمتاعه (٤)
______________________________________________________
ثم إن هذا لا يتم إلا إذا قلنا بجريان المعاطاة في العقود ، وهذا مما لم يلتزم به القدماء فضلا عن العلامة والشارح.
ثم إن هذا ليس من العارية في شيء بل هو من جواز الانتفاع بالاذن ، وهو أعم من العارية التي هي من العقود بالاتفاق ، نعم لو قصد بدفع الثوب ونحوه ضيفا مخصوصا وأراد بالدفع إنشاء الإيجاب فأخذه الآخر وقد قصد بالأخذ إنشاء القبول لكان من العارية ، ولكن المتعارف ليس كذلك ، بل المتعارف هو الاذن بالانتفاع ليس إلا.
(١) مع ضميمة لبس الآخر له.
(٢) فجلس عليه.
(٣) فاتكأ عليها.
(٤) قال في التذكرة : (أنه لا يشترط فيها ـ أي لا يشترط اللفظ في العارية ـ ، ولا في الإيجاب ولا في القبول ، بل يكفي ما يقوم مقامه من الأمور الدالة على الظن بالرضا ، لأنه عقد ضعيف ، لأنه يثمر إباحة الانتفاع ، وهي ـ أي إباحة الانتفاع ـ قد تحصل بغير عقد ، كما لو حسن ظنه في صديقه كفى في الانتفاع) انتهى.
وظاهره أن إباحة الانتفاع لا العارية مما يكفي فيها حسن الظن بالصديق لآية الاذن وهي قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمىٰ حَرَجٌ وَلٰا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلٰا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلٰا عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبٰائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهٰاتِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ إِخْوٰانِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ أَخَوٰاتِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ أَعْمٰامِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ عَمّٰاتِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ أَخْوٰالِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ خٰالٰاتِكُمْ ، أَوْ مٰا مَلَكْتُمْ مَفٰاتِحَهُ ، أَوْ صَدِيقِكُمْ ، لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتٰاتاً) (١) حيث إن ظاهر الآية دال على كفاية حسن الظن بالصديق في إباحة الانتفاع بكل ما يملكه الصديق ، وفيه : إن الآية مقتصرة على تناول الأكل وليس على مطلق الانتفاع بكل ما يملك ، نعم الاذن بتناول الأكل يدل على تناول الأضعف بمفهوم الموافقة ، والتعدي إلى الأضعف متوقف على ملاحظة خصوصيتين في المأذون فيه هنا ، وهما : كون الأكل المأذون فيه محدودا بمدة يسيرة عرفا ، وكون الأكل المأذون فيه مما يقتضي إتلاف عين مخصوصة وهي الطعام ، وما خرج عن ذلك يدخل في عموم النهي عن تناول مال الغير.
__________________
(١) سورة النور ، الآية : ٦١.