(وإيجابها (١) وكلتك ، أو استنبتك ،) أو ما شاكله من الألفاظ الدالة على الاستنابة في التصرف ، وإن لم تكن على نهج الألفاظ المعتبرة في العقود (٢) ، (أو الاستيجاب والإيجاب (٣) كقوله : وكلني في كذا ، فيقول : وكلتك ، (أو الأمر)
______________________________________________________
(١) لما كانت الوكالة من العقود الجائزة كما سيأتي فيصح إيقاع إيجابها وقبولها بكل لفظ دال عليهما ، ولا تخصيص للألفاظ الصريحة كما هو مبنى القوم في العقود الجائزة.
بل ولا تشترط الماضوية في الإيجاب لخبر عروة البارقي عند ما قال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (اشتر لنا شاة بدينار فذهب واشترى شاتين بدينار) (١) وهو دال على إنشاء الإيجاب بالأمر بالتصرف ، ودال على تحقق القبول بالرضا الفعلي لا القولي ، ولذا توسعوا في عقد الوكالة بالخصوص ما لم يتوسعوا في غيره من العقود الجائزة ، فذهبوا إلى أن الإيجاب يتحقق بالماضي كقوله : وكّلتك ، وبالأمر (كن وكيلي أو اشتر لي كذا وكذا) ، بل لو قال الموكل : نعم عقيب الاستفهام التقريري من الوكيل : كوكلتني في كذا فقال الموكل نعم : لكفى في الإيجاب.
وذهبوا إلى أن القبول يتحقق باللفظ الماضي (قبلت) ، وبكل لفظ يدل على الرضا بالإيجاب وإن لم يكن ماضويا ، وبالفعل الدال على الرضا بالإيجاب ، وقال العلامة في التذكرة : (والأصل في ذلك أن الذين وكّلهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينقل عنهم سوى امتثال أمره) انتهى ، فضلا عن دلالة خبر عروة البارقي المتقدم عليه ، وهذا كله مما لا خلاف فيه كما في الرياض.
ولكن قد عرفت أكثر من مرة كفاية كل ما عليه العرف في إنشاء الإيجاب والقبول ولو كان العقد لازما ، ولذا يصح الإنشاء بالماضي وبالأمر وبالجملة الاسمية ، وبالقول المجاز وبالفعل ، ولا خصوصية للوكالة في هذا.
ثم لا إشكال ولا كلام في مشروعية الوكالة ، ولعلها من ضروريات الدين كما في الجواهر ، ويدل عليه فضلا عن النصوص الكثيرة قوله تعالى : (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهٰا أَزْكىٰ طَعٰاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ) (٢).
(٢) أي وإن لم تكن بصيغ الماضي.
(٣) أي يكفي الاستيجاب من الوكيل والإيجاب من الموكل ، بمعنى تأخر الإيجاب والاكتفاء عن القبول بالاستيجاب كقوله : وكّلني في كذا فقال : وكلتك.
__________________
(١) المغني لابن قدامة ج ٥ ص ٤٥.
(٢) سورة الكهف ، الآية : ٢٠.