(و) كذا (لا) تسقط الشفعة (بالعقود اللاحقة) (١) للبيع (كما لو باع) المشتري الشقص (أو وهب ، أو وقف) لسبق حق الشفيع على ما تأخر من العقود ، (بل للشفيع إبطال ذلك كله) والأخذ بالبيع الأول ، (وله (٢) أن يجيز) البيع (ويأخذ بالبيع الثاني) ، لأن كلا من البيعين سبب تام في ثبوت الشفعة ، والثاني (٣) صحيح وإن توقف على إجازة الشفيع ، فالتعيين إلى اختياره (٤).
______________________________________________________
(١) يجوز للمشتري أن يتصرف في المبيع قبل أخذ الشفيع ، لأن المبيع داخل في ملكه بالعقد والناس مسلطون على أموالهم ، وعليه فيجوز للمشتري أن يتصرف فيه بما يوجب الشفعة أيضا كالبيع ، وبما لا يوجبها كالوقف فلو وقف المشتري المبيع أو جعله مسجدا فللشفيع إزالة ذلك كله وأن يأخذ بالشفعة ، بلا خلاف فيه منا لسبق حق الشفيع ، وعن بعض العامة المنع لعدم جواز نقض الوقف وهو واضح الضعف.
ولو باع المشتري المبيع ، فالبيع الصادر من المشتري موجب للشفعة أيضا ، لأن بيع الشريك حصته موجب للشفعة وهذا بيع من الشريك الذي هو المشتري لحصته ، وللشفيع حينئذ شفعتان ، شفعة بالعقد الأول على المشتري الأول وشفعة بالعقد الثاني على المشتري الثاني ، وكما يجوز للشفيع أخذ المبيع من المشتري الأول بالثمن المسمى في العقد الأول فيجوز له الأخذ من المشتري الثاني بالثمن المسمى في العقد الثاني ، وكذا لو زادت العقود على اثنين فنفس الحكم.
ثم إن أخذ الشفيع من المشتري الأول بعد دفع ثمن العقد الأول بطل البيع المتأخر ، وإن أخذ الشفيع من المشتري الأخير بثمن عقده صح السابق ، لأن الرضا بالأخير مستلزم للرضا بما سبق ، وإن أخذ من المشتري المتوسط بثمن عقده صح ما تقدم عليه لأنه متوقف عليه وبطل ما تأخر عنه ومما تقدم يظهر أن المبيع لو اشتراه المشتري الأول بعشرة ، واشتراه الثاني بعشرين ، واشتراه الثالث بثلاثين بعقود متعاقبة ، فإن رجع الشفيع على الأول أخذ المبيع بعد دفع العشرة وبطل ما تأخر من بيوع غايته يرجع المشتري الثالث بثلاثين على الثاني ، ويرجع الثاني بعشرين على الأول ، لأن المبيع سيؤخذ من الثالث وقد انفسخ عقده كما انفسخ عقد الثاني ، وإن رجع الشفيع على الثالث الأخير أخذ البيع بعد دفع الثلاثين وصح ما تقدم من البيوع ، وإن رجع الشفيع على الثاني بعشرين صح الأول وبطل الثالث ، ويرجع الثالث على الثاني بثلاثين لأن المبيع سيؤخذ منه وقد انفسخ عقده.
(٢) للشفيع.
(٣) أي البيع الثاني.
(٤) أي فتعيين الأخذ بالشفعة راجع إلى اختيار الشفيع.