لأنه (١) مفوّت للغرض (٢) من المناضلة ، أو مخالف لوضعها (٣) (ولو ظهر استحقاق العوض (٤)
______________________________________________________
وتوقف المحقق في الشرائع ، لأن المال هنا في الصلح على عمل محلّل فيندرج تحت عموم (أَوْفُوا) (١) ، والمنع لانحصار المقصود بالنضال بالحث على التمرن ، إذ يجوز النضال لكسب المال ، ولكونه شرطا سائغا فيندرج تحت عموم (المؤمنون عند شروطهم) (٢).
(١) أي الصلح على ترك النضل.
(٢) وهو التسابق وإبانة حذق الرامي وجودة رميه.
(٣) أي وضع المناضلة ، لأنها شرعت لإظهار الغالب.
(٤) لو فسد العقد قبل العمل بأن كان العوض خمرا أو مجهولا فعن الشيخ والمحقق والشهيد أنه لا شيء للسابق ، فلا مسمى لفساد العقد ، ولا أجرة المثل لأن السابق لم يعمل للباذل ولم يعد نفع عمله على الباذل ، بل عمل لنفسه ، بخلاف العامل في الإجارة والجعالة الفاسدتين ، فالعامل يرجع إلى أجرة المثل ، لرجوع العمل للمستأجر والجاعل.
وعن العلامة والمحقق الثاني وجماعة أن السابق يرجع إلى أجرة المثل لأنه عقد استحق المسمى في صحيحه ، وما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، ولا نسلم أن وجوب أجرة المثل في العقود الفاسدة لرجوع العمل إلى المستأجر والجاعل ، لأن العمل في المضاربة قد لا ينتفع بها المالك عند عدم الربح ، ومع ذلك يكون العمل مضمونا عليه لو تبين فساد العقد.
وفي دليل كل منهما نظر ، لأن الفرق بين العقود الفاسدة كالإجارة والجعالة التي حكم فيها بأجرة المثل وبين عقد المسابقة أن في الإجارة والجعالة قد أمر العامل بالعمل في قبال عوض ، فإن لم يسلم له العوض لفساد العقد ينتقل إلى أجرة المثل ، لاحترام عمله بعد الأمر به ،
وأما في المسابقة فلا أمر على السابق بالعمل ، لأن قول الباذل : سابقتك على أن من سبق منّا فله كذا ، ليس بأمر ، فإن لم يسلم له العوض لفساد العقد فعمله وإن كان محترما لكن لم يؤمر به حتى يضمنه الآمر بأجرة المثل ، ومنه تعرف ضعف كلا الدليلين ، وإن اقتضى ما ذكرناه عدم ثبوت أجرة المثل عند فساد عقد المسابقة.
ولو فسد العقد بعد إتمام العمل كما لو ظهر العوض المعيّن مستحقا للغير ، بحيث وقع العقد متزلزلا وهو غير باطل ، لأنه صحيح موقوف على إجازة مالك العوض ، فلو لم يجز
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.