العامل : إني أستحق مائة من جهة الجعل الفلاني (١) فأنكر المالك وادعى أنه خمسون ، فالقول قول المالك ، لأنه منكر محض والأصل براءته من الزائد ، كما يقدم قوله لو أنكر أصل الجعل. ولا يتوجه اليمين هنا من طرف العامل أصلا.
وإن قال : جعلت لي مائة (٢) فقال المالك : بل خمسين ففيه الوجهان الماضيان في الإجارة (٣).
والأقوى تقديم قول المالك أيضا (٤) ، لاتفاقهما على صدور الفعل بعوض ، واختلافهما في مقداره خاصة ، فليس كل منهما مدعيا لما ينفيه الآخر.
وإن كان اختلافهما في جنس المجعول (٥) مع اختلافه بالقيمة (٦) فادعى المالك جعل شيء معين يساوي خمسين ، وادعى العامل جعل غيره مما يساوي مائتين فالتحالف هنا متعين ، لأن كلا منهما يدعي ما ينكره الآخر ، إلا أن ذلك (٧)
______________________________________________________
(١) ومن دون تحديد للجعل بأنه مائة.
(٢) بأن اختلف في القدر مع تسمية العوض بقدر خاص.
(٣) وهما تقديم قول المالك أو التحالف.
(٤) كما في الفرع السابق الذي جرد عن تسمية العوض بقدر خاص ، وتقديم قول المالك في قبال التحالف ، وبتقديم قول المالك يثبت ما يدعيه لحصر العقد بين دعواهما على ما تقدم بيانه ، وهو الذي قواه في المسالك.
(٥) بأن اختلفا في جنس الجعل فقال المالك : جعلت درهما ، فقال العامل : بل دينارا ، وفيه قولان :
القول الأول : وهو مختار الشيخ والمحقق وجماعة من تقديم قول المالك ، لأن القول قوله في أصل الجعل ، وكذا في قدره فيكون قوله مقدما في جنسه ، ولأن الاختلاف في فعله فيرجع إليه فيه.
القول الثاني : التحالف والرجوع إلى أجرة المثل ، لأن كلا منهما مدع ومنكر ، وهي ضابطة التحالف ، ومع حلفهما يرتفع الدرهم والدينار وتثبت أجرة المثل ، لاحترام عمل العامل بعد صدوره بإذن المالك.
(٦) كأن ادعى المالك : إني جعلت العوض ثوبا ، فقال العامل : بل كتابا ، والقيمة مختلفة بين الثوب والكتاب.
(٧) من كون كل منهما يدعي ما ينكره الآخر.