واجتمع بأبي علي الهجري بمكة أيضا (١) ، ونجد في «صفة جزيرة العرب» نصوصا نرى أنه نقلها عن الهجري كالشعر الذي في ذات غسل ، وفي جزالاء. وأشار الهجري الى الهمداني هذا في «النوادر والتعليقات» إشارة موجزة قال : الهمداني من أهل ريدة بلد بالبون قرب صنعاء (٢).
ويظهر أنه أثناء مجاورته بمكة اقتنى كثيرا من الكتب كدواوين الشعر ومؤلفات ابن الكلبي في الأنساب وغيرها ، مما نجد نقولا كثيرة عنه في كتبه ، ومع أن ذكره أسماء الكتب التي ينقل عنها نادر إلّا انه عند ما يورد بعض أقوال المتقدمين يوضح رأيه فيها ، فهو يرى أن الكلبيين (٣) قد اختصروا أنساب الناس وطرحوا منها ، ويقول : إن نسّاب العراق والشام يقصرون في أنساب كهلان ومالك بن حمير ليضاهئوا بها عدة الآباء من ولد إسماعيل ، وقد يعلل هذا بأن بعضهم حاول إفساد النسب في أيام العصبية في دولة معاوية ليقرب نسب قضاعة وكهلان على نحو ما أرادت النزارية من إدخال هذه القبائل في ولد إبراهيم عليهالسلام.
وينقل عن ابن خرداذبه من «المسالك والممالك» (٤) ولكنّه يعده من الشعوبية (٥).
وهو يعتبر قول شيخه أبي نصر محمد بن عبد الله اليهري الحميري الفصل في كل ما يورده من أخبار اليمن وأنساب أهله ، وقد أشاد بذكره في مقدمة «الإكليل (٦)» وبالغ في إطرائه وقال عنه : (شيخ حمير وناسبها وعلّامتها ، وحامل سفرها ، ووارث ما ادخرته ملوك حمير في خزائنها من مكنون علمها ، وقارىء مساندها والمحيط بلغاتها).
ومن أشهر مشائخه الأوساني الحميري (٧) محمد بن عبد الله (٢٧٦ / ٣٦٠
__________________
(١) «شرح الدامغة» ٥٢ ط و «أبو علي الهجري» ص ٦٢ وما بعدها.
(٢) المصدر ص ٣٢١
(٣) «الاكليل» ٨ / ١٠١.
(٤) «الاكليل» ٨ / ١٠٠.
(٥) «شرح الدامغة» ١١٦ / ٤١ / ١٤٧ و «الاكليل» ١ / ١٣٧.
(٦) ١ / ٩ / ٢٠.
(٧) الاكليل ٢ / ٣٧١