الجزء العاشر من كتابه «الاكليل» (١) أبديت فيه الشك في كونه توفي سنة ٣٣٤ في سجن صنعاء ، تعويلا على ما ذكره صاعد الأندلسي في «طبقات الأمم» ومما قلت :
رواية صاعد ـ وإن رواها عن الحكم المستنصر بالله ـ وهو معاصر للهمداني ـ محلّ نظر لعدة أسباب (١) : أن القفطي ذكر في «أنباه الرواة» أن قبر الهمداني في بلدته «ريدة» ومن المستبعد أن يموت بصنعاء ثم ينقل جثمانه الى ريدة. (٢) : أن كثيرا من محققي المؤرخين الذين ترجموه لم يذكروا تاريخ وفاته ، وهذا مما يقوي الشك بما ذكره صاعد. (٣) : أن الهمداني نصّ في «الاكليل» (٢) على خروجه من السجن ومكث مدة طويلة تضعضع في خلالها نفوذ الحكام المسيطرين على اليمن في عهده ممن قام بسجنه فقد مات الناصر سنة ٣٢٢ وأسعد بن أبي يعفر سنة ٣٣٢ ، وأضيف الآن (٤) : أننا نجد في «الاكليل» (٣) ـ في الكلام على سيد همدان في عصره أحمد بن محمد بن الضحاك : (ثم باعده القاسم بن الناصر فجرى بينهما ما ينطق به شعر الهمداني) وقد قتل ابن الضحاك القاسم هذا سنة ٣٤٥ ، ووقع الخلاف بينهما سنة ٣٤٤ ، فالهمداني أدرك هذا الزمن ، وقال الشعر في تلك الحوادث ، وهذا مما نبه اليه العالم الجليل الأستاذ محمد بن علي الأكوع وأورد أدلة أخرى عن تأخر (٤) وفاة الهمداني بعد سنة ٣٣٤.
(٥) وجاء في مخطوط يمني ناقص (٥) : لما حمل جثمان أسعد بن أبي يعفر من ذمار في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمئة الى شاهرة ليقبر هناك وكان توفي سنة ٣٣٢ ولم ينقل الا في هذه السنة. فقال الهمداني يصف تشييع الجثمان :
قد استوى الناس ومات الكمال |
|
وقال صرف الدهر : أين الرجال؟! |
هذا أبو حسان في نعشه |
|
قوموا انظروا كيف تزول الجبال!! |
__________________
(١) (مجلة المجمع العلمي العربي) بدمشق المجلد ال ٢٥ ص ٦٢ تاريخ ربيع الأول سنة ١٣٦٩ (ك ٢ سنة ١٩٥٠ م).
(٢) ١٠ / ٦٧
(٣) «غاية الأماني» ص ٢٢٢.
(٤) مقدمة الجزء الأول من «الاكليل».
(٥) هي مخطوط جدّنا الورقة ١٣٧ و «الاكليل» ٢ / ١٨٦ (هامش) والبيت الثاني لابن المعتز (هذا أبو القاسم) في ديوانه ، وكما في «مطلع الفوائد» ص ٣٣٦.