مقدمة الطبعة الاولى
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما علمت بأن مؤرخ اليمن وعالمها في هذا العصر أستاذنا الجليل القاضي محمد بن علي الأكوع الحوالي الحميري قام بتحقيق كتاب «صفة جزيرة العرب» للهمداني غمرتني الفرحة ، لما أعرفه عن الأستاذ من الفضل والعلم ، ولاعتقادي بأنه ليس في استطاعة أي محقق ـ مهما أوتي من سعة العلم ـ أن يكون عمله في تحقيق ذلك الكتاب تامّا ما لم يكن ذا معرفة تامة بذلك القطر الحبيب من وطننا ، ثم زاد سروري عندما زرت القاهرة في رمضان ١٣٧١ فالتقيت بالقاضي الجليل فأطلعني على الكتاب محققا ، بل أضاف مكرمة أذكرها شاكرا ـ إذا بلغت به الثقة الى أن رغب بأن أشرف على نشره ، وأباح لي بأن أضيف أو أحذف ما أراه ، مما لا يمس بجوهر عمله ، فلقد أطلق أستاذنا ـ زاده الله قوة ونشاطا ـ لقلمه العنان فأسبغ الحواشي ، ووجد مجال القول ذا سعة عن مفاخر ذلك القطر الكريم ، والإشادة بذكر أعلامه فاسترسل في ذلك ، إلا أن موضوع الكتاب ، وارتفاع أجور الطبع وثمن الورق ، وتغير الأحوال تغيرا جعل القارىء في هذا العصر متكيفا بحالة عصره ، فكان من أثر ذلك الحرص على الانتفاع بما بذله الأستاذ الجليل من جهد فيما له صلة بتحديد المواضع ، وإرجاء ما عدا ذلك لمجال أرحب في فرصة اخرى. ومن ذلك البحث الممتع الذي قدم به الأستاذ الكتاب مترجما مؤلفه ، وواصفا كتابه ، فقد بعثته اليه في اليمن لكي يضيف الى مواضع منه المصادر ، مع نماذج مصورة من النسخ التي اتخذها أصلا لتوضع مكانها في المقدمة ، فمضى زمن طويل أعقبته أحداث في ذلك القطر ، لم يعد إليّ ما بعثت ، وطال الزمن وخفف من أثر كل ذلك ما عرفته من عزم الأستاذ على تأليف كتاب عن الهمداني ،