بل يذكر لنا الواقدي : مشادة عنيفة ، حصلت بين أبي عبيدة وخالد ، بسبب صلح خالد لهم ، تظهر لنا بوضوح مدى عناد خالد في موقفه ، وضعف أبي عبيدة معه (١) الأمر الذي ينسجم كثيرا مع ما نذهب إليه ، من أن قيادة الجيش كانت لخالد آنذاك.
يضاف إلى ما تقدم : أن البلاذري وغيره قد ذكروا : أن أبا عبيدة كان على الباب الشرقي ، فدخلها عنوة ، فجاء أهل المدينة إلى خالد ، فصالحوه ، وكتب لهم كتابا ، وفتحوا له الباب ، ثم نقل البلاذري قول أبي مخنف ، الذي يعكس القضية ، ثم قال : والأول أثبت (٢).
ويدل على أن ذلك هو الأثبت : أن أكثر المؤرخين يذكرون أن خالدا كان هو المصالح لأهل دمشق ، ومن ثم كان هو أمير الجيش.
وتلك الرسالة المذكورة في أول هذا الكلام ونصوص أخرى ، تدل دلالة قاطعة على ذلك أيضا.
وأما عزل خالد ، فقد جاءهم وهم محاصرون لدمشق ، فكتمه عنه أبو عبيدة نحو عشرين ليلة ، حتى فتحت دمشق ، حتى لا يوهن أمر خالد ، وهم بإزاء العدو (٣).
وقال الواقدي : إن فتحها كان في ليلة وفاة أبي بكر (٤).
__________________
(١) فتوح الشام ج ١ ص ٥٨ ـ ٦٠.
(٢) فتوح البلدان ص ١٢٩ ، وليراجع أيضا : البداية والنهاية ج ٧ ص ٢١ ونقله عن آخرين.
(٣) البداية والنهاية ج ٧ ص ٢٣ ، وفتوح البلدان ص ١٢٧ ـ ١٢٩.
(٤) فتوح الشام ج ١ ص ٥٨ و ٥٩.