وربما تكاثف ذلك السحاب إذا ظهر من بطون الأودية دون الشعاب والتف وتضاغط على المنتصف من قعدة الجبل فوقع فيه لامعة البرق فبرقت تحتك ونظرت الأودية متشفقة بالسحاب وفوقه الشمس فإذا إنقشع السحاب نظرت الى ماء المطر يسيل في بطون الأودية.
وإذا أصبح على رأسك الصحو غب المطر وصفا الجو نظرت من أي مرائيه شئت ومن أي اشرافه ركبت أرض تهامة تحته من موسط بلد حكم الى المهجم ومن سردد وتنظر سايلة مور كالشيبة البيضاء بين خمل تهامة وزغلها وعرفانها ثم تنظر البحر طريدة ياقوتية فأما الحادّ البصر فانه ينظر من خلف البحر جزاير الفرسان وأما ما ينظر منه من الجبال فعّر خولان من شماليه وأكمة خطارير ورأس وتران (١) عن مسيرة سبعة أيام وستة وخمس وسحيب جبل بني عامر بحرض ومن غربيه جبال الشرف وريشان جبل وملحان عن قرب كقرب هنوم منه من شماليه ومن جنوبه برع وشبام حراز ومسار وضلع جبلان في ريمة وحرف أنس وضوران ورأس سحمّر ويخار وينظر هو من هذه المواضع ولو لا أن قعدته في الأودية دون أن يكون على ظاهر منجد لكان يرى من أرض نجد ، وأما من جهة شرقيه فلا يرى بلد لأن جبال المصانع تعلوه مثل جبل ذخار ومدع وحضور بني أزد وأما سعة رأسه الذي تحويه العرقة وتدور به الأبواب فإنه يكون لمن مسحه ميلا ونصفا في مثله أو يزيد الى ميلين وثلث وسفوحه مكسية بالمزارع ، ومن ولد في رأسه فقبيح غير صبيح وخاصة النساء ومن ولد في سفحه فصبيح غير قبيح وطباع ساكنه وأهله تخالف طباع من في سفوحه في العقل والنجدة والطول والتمام والفصاحة وانشراح الألسن.
واسم هذا الجبل وفيت وهو منسوب إلى تخلى بن عمرو الحميري من ولد شمر ذي الجناح بن العطاف وأخبار تخلى كثيرة ، انتهى كلام الهمداني.
باختصار قلت : وما ذكره في أثناء كلامه من الجبال معروفة ومنها ما تغير اسمه مثل وتران يعرف الآن بجبل براش صعدة كما أوضحته في حرف الباء سابقا ، وذخار : هو ضلع كوكبان ، وحضور بني أزد هو حضور الشيخ
__________________
(١) الثلاثة في بلاد صعدة ويعرف وتران ببراش.