الغار لم ير أحدا فينام فإذا أصبح ووجد بدنه نقيا مما كان عليه مغسولا دلّ على القبول ، ويضمر عند دخوله مهما أراد وإن أصبح بحاله دلّ على أنه لم يقبل وإذا خرج من الغار بعد القبول لم يحدّث أحدا من الناس ثلاثة أيام بل يبقى صامتا ساكتا تلك المدة ثم يصير ساحرا ، قال وحدّثني أنه إستدعى رجلا من المعافر من أهل وادي أديم يعرف بسليمان بن يحيى الأحدوقي وله شهرة في السحر وإستحلفه على أن يصدقه عن حديث السحر فحلف له يمينا مغلظة أنهم لا يقدرون على نقل الماء من بير الى بير ولا على نقل اللبن من ضرع إلى ضرع ولا على نقل صورة الإنسان الى غيرها بل يقدرون على تفريق السحاب وعلى المحبة وتأليف القلوب وعلى البغضاء وعلى إيلام أعضاء الناس مثل الصداع والرمد وإيجاع القلب.
انتهى كلام ياقوت.
قلت : وممن يسكن ناحية الدملوة قديما بنو مسبّح منهم الفقيه أبو بكر بن محمد بن أسعد بن مسبح بضم الميم وفتح السين المهملة وكسر الموحدة المشدّدة وآخره حاء مهملة ـ ترجمه الشرجي ـ قال : وبنو مسبح بيت علم وصلاح من قديم يسكنون بناحية الدملوة بموضع يعرف بالأودية وتوفي الفقيه أبو بكر بعد السبعماية تقريبا. انتهى كلام الشرجي.
وفي ترجمة أبي الدر جوهر بن عبد الله المعظمي مولى محمد بن سبأ بن أبي السعود اليامي أن سيده أوصاه بأولاده فنقلهم الى الدملوة فلما قدم طغتكين بن أيوب في سنة ٥٨٤ وعلم جوهر أن لا طاقة له بطغتكين باع عليه الحصن وإشترط أن لا ينزل من الحصن ولا يطلع له نائب الحصن حتى يكون عيال سيده خلف البحر من ناحية بر العجم وإشترط أن يركبوا من أي ساحل من البحر أرادوا فأجابه طغتكين الى ما سأل لما علم من صعوبة الحصن وأنه لا يؤخذ قهرا.
فلما توثق جوهر وقبض المال الذي إتفقا عليه جهز أولاد سيده من البنين والبنات الى ساحل المخا وكان قد أرسل من هيأ لهم سفنا هنالك فلما وصل الساحل ركب مواليه وركب معهم وسار الى بر العجم وترك نائبا له في الحصن يجهز بقية أموالهم وما يحتاجون اليه وكتب له عدة أوراق في كل