الحديدة واستمر إلى سنة ١٣٥٣ ثم غادرها إلى صنعاء واستقر بها. وكان يعهد إليه الإمام بأعمال غير ثابتة ليقوم بإنجازها ، فقد كلفه بفهرسة المكتبة المتوكلية (مكتبة الأوقاف) في جامع صنعاء ، ثم فهرسة خزانة الإمام يحيى الخاصة. وقد استفاد علما كثيرا من مطالعته لما في هاتين المكتبتين أثناء عمله الطويل فيهما فصنّف كتاب (مساجد صنعاء) ، ومختصرا لتاريخ اليمن ، ومجموع بلدان اليمن وقبائلها. ثم عينه الإمام رئيسا للمحاسبة العامة (وزير مالية) واستمر في هذا العمل حتى بعد مقتل الإمام يحيى في ٧ ربيع الآخر سنة ١٣٦٧ ه (١٩٤٨ م) وكان يستدعيه الإمام أحمد ابن الإمام يحيى إلى تعز مقر ملكه لاستشارته في بعض الأمور الهامة ، وكلفه بتمثيل اليمن في مؤتمر الأديان الذي عقد في الولايات المتحدة سنة ١٣٧٣ ه (١٩٥٤ م) وحضر بعض اجتماعات الجامعة العربية للمشاركة في وضع خطة عربية لإحكام المقاطعة الدولية على إسرائيل وغير ذلك من الاجتماعات.
صراحته : له مواقف مشهورة مع الإمام يحيى ومع ابنه الإمام أحمد اتسمت بالصراحة والجرأة في قول الحق لأنه كان لا يخشى في إبداء رأيه لومة لائم مع أن أسهل تلك المواقف كانت كفيلة بزجه في أعماق السجون على أعدل أحكام الإمام إلّا أنه كان يغتفر له صراحته ونقده لمحبته له وإخلاصه إخلاصا لا شك فيه ولا ارتياب إلى جانب أنه كان لا يصدر منه النقد علنا أمام الناس ، ولا يفاجىء الإمام به بادىء ذي بدء وإنما يتحين الفرص المناسبة فيجعل نقده ضمن رده على سؤال الإمام أو من خلال محاورة أو حديث أو مذاكرة بينهما فمن ذلك ؛ أن الإمام يحيى شكا عليه كثرة الناس الذين امتلئت بهم العاصمة صنعاء ومنتزهاتها سنة ١٣٦٢ ه (١٩٤٣ م) وهي السنة التي حدثت فيها مجاعة في بعض مناطق اليمن كالشرفين من بلاد حجّة وبلاد إبّ وتعز فرحل القادرون منهم على المشي إلى صنعاء فرارا من الموت الذي عصف بالآلاف جوعا فأجاب عليه القاضي محمد الحجري بقصة النقيب منصور بن سعدان من قبائل دهمة ، وكان قد ذهب هو وولده ضمن قوات الإمام يحيى التي أرسلها إلى يريم بقيادة السيدين عبد الله بن إبراهيم ومحمد بن يوسف الكبسي سنة ١٣٢٩ ه (١٩١١ م) لمد نفوذ الإمام إلى تلك المناطق التي كانت خاضعة للحكم العثماني فرحب سكان مدينة يريم بجيش الإمام ، واستقبلوه استقبال الفاتحين ولكنه رفض أن يكون ضيفا مرغوبا فيه وأبى إلّا أن يقتحم بيوت المدينة الآمنة عنوة فقتل من قتل منها رجالا ونساء وأطفالا ، واستولى على ما في تلك البيوت من أثاث ورياش ومال وطعام ، وكان بيت التاجر محمد